فعزله واستعمل ابراهيم بن عبد الرحمن، واختاروا رجالا يسمون لهم قوما يعملون بكتاب الله فاختار نصر مقاتل بْن سليمان ومقاتل بْن حيان، واختار الحارث المغيرة بْن شعبة الجهضمي ومعاذ بْن جبلة، وأمر نصر كاتبه أن يكتب ما يرضون من السنن، وما يختارونه من العمال، فيوليهم الثغرين، ثغر سمرقند وطخارستان، ويكتب إلى من عليهما ما يرضونه من السير والسنن.
فاستأذن سلم بْن أحوز نصرا في الفتك بالحارث، فأبى وولى إبراهيم الصائغ، وكان يوجه ابنه إسحاق بالفيروزج إلى مرو، وكان الحارث يظهر أنه صاحب الرايات السود، فأرسل إليه نصر: إن كنت كما تزعم، وأنكم تهدمون سور دمشق، وتزيلون أمر بني اميه، فخذ منى خمسمائة رأس ومائتي بعير، واحمل من الأموال ما شئت وآلة الحرب وسر، فلعمري لئن كنت صاحب ما ذكرت إني لفي يدك، وإن كنت لست ذلك فقد أهلكت عشيرتك فقال الحارث: قد علمت أن هذا حق، ولكن لا يبايعني عليه من صحبني فقال نصر: فقد استبان أنهم ليسوا على رأيك، ولا لهم مثل بصيرتك، وأنهم هم فساق ورعاع، فاذكرك الله في عشرين ألفا من ربيعة واليمن سيهلكون فيما بينكم وعرض نصر على الحارث ان يوليه ما وراء النهر، ويعطيه ثلاثمائة ألف، فلم يقبل، فقال له نصر: فإن شئت فابدأ بالكرماني فإن قتلته فأنا في طاعتك.
وإن شئت فخل بيني وبينه، فإن ظفرت به رأيت رأيك، وإن شئت فسر باصحابك، فإذا جزت الري فأنا في طاعتك قَالَ: ثم تناظر الحارث ونصر، فتراضيا أن يحكم بينهم مقاتل بْن حيان وجهم بْن صفوان، فحكما بأن يعتزل نصر، ويكون الأمر شورى.
فلم يقبل نصر وكان جهم يقص في بيته في عسكر الحارث، وخالف الحارث نصرا، ففرض نصر لقومه من بني سلمة وغيرهم، وصير سلما في المدينة في منزل ابن سوار، وضم إليه الرابطة وإلى هدبة بْن عامر الشعراوى فرسا، وصيره في المدينة، واستعمل على المدينة عبد السلام بْن يزيد بْن حيان السلمي، وحول السلاح والدواوين إلى القهندز، واتهم قوما من اصحابه