أياما، ثم ارتحل الحارث ليلا، فأتى حائط مرو فنقب بابا، ودخل الحائط، فدخل الكرماني، وارتحل، فقالت المضرية للحارث: قد تركنا الخنادق فهو يومنا، وقد فررت غير مرة، فترجل فقال: أنا لكم فارسا خير مني لكم راجلا، قالوا: لا نرضى إلا أن تترجل، فترجل وهو بين حائط مرو والمدينة، فقتل الحارث وأخوه وبشر بْن جرموز وعدة من فرسان تميم، وانهزم الباقون، وصلب الحارث وصفت مرو لليمن، فهدموا دور المضرية، فقال نصر بْن سيار للحارث حين قتل:
يا مدخل الذل على قومه ... بعدا وسحقا لك من هالك!
شؤمك أردى مضرا كلها ... وغض من قومك بالحارك
ما كانت الأزد وأشياعها ... تطمع في عمرو ولا مالك
ولا بني سعد إذا ألجموا ... كل طمر لونه حالك
ويقال: بل قَالَ هذه الأبيات نصر لعثمان بْن صدقة المازني.
وقالت أم كثير الضبية:
لا بارك الله في أنثى وعذبها ... تزوجت مضريا آخر الدهر
أبلغ رجال تميم قول موجعة ... أحللتموها بدار الذل والفقر
إن أنتم لم تكروا بعد جولتكم ... حتى تعيدوا رجال الأزد في الظهر
إني استحيت لكم من بذل طاعتكم ... هذا المزونى يجبيكم على قهر
وقال عباد بْن الحارث:
ألا يا نصر قد برح الخفاء ... وقد طال التمني والرجاء
وأصبحت المزون بأرض مرو ... تقضي في الحكومة ما تشاء