فلم يزل يتبعهم حتى وردوا فارس، وخرجوا منها وهو في ذلك يستسقط من لحق من أخرياتهم، فتفرقوا، وأخذ شيبان في فرقته إلى ناحية البحرين، فقتل بها، وركب سليمان فيمن معه من مواليه وأهل بيته السفن إلى السند، وانصرف مروان إلى منزله من حران، فأقام بها حتى شخص إلى الزاب وأما أبو مخنف فإنه قَالَ- فِيمَا ذكر هِشَام بْن مُحَمَّد عنه- قَالَ: أمر مروان يزيد بْن عمر بْن هبيرة- وكان في جنود كثيرة من الشام وأهل الجزيرة بقرقيسيا- أن يسير إلى الكوفة، وعلى الكوفة يومئذ رجل من الخوارج يقال له المثنى بْن عمران العائذي، عائذة قريش، فسار إليه ابن هبيرة على الفرات حتى انتهى إلى عين التمر، ثم سار فلقي المثنى بالروحاء، فوافى الكوفة في شهر رمضان من سنة تسع وعشرين ومائة، فهزم الخوارج، ودخل ابن هبيرة الكوفة ثم سار إلى الصراة، وبعث شيبان عبيدة بْن سوار في خيل كثيرة، فعسكر في شرقي الصراة، وابن هبيرة في غربيها، فالتقوا، فقتل عبيدة وعدة من أصحابه، وكان منصور بْن جمهور معهم في دور الصراة، فمضى حتى غلب على الماهين وعلى الجبل أجمع، وسار ابن هبيرة إلى واسط، فأخذ ابن عمر فحبسه، ووجه نباتة بْن حنظلة إلى سليمان بْن حبيب وهو على كور الأهواز، وبعث إليه سليمان داود بْن حاتم، فالتقوا بالمريان على شاطئ دجيل، فانهزم الناس، وقتل داود بْن حاتم وفي ذلك يقول خلف بن خليفه:
نفسي لداود الفدا والحمى ... إذ أسلم الجيش أبا حاتم
مهلبي مشرق وجهه ... ليس على المعروف بالنادم
سألت من يعلم لي علمه ... حقا وما الجاهل كالعالم
قالوا عهدناه على مرقب ... يحمل كالضرغامة الصارم
ثم أنثى منجدلا في دم ... يسفح فوق البدن الناعم
وأقبل القبط على رأسه ... واختصموا في السيف والخاتم
وسار سليمان حتى لحق بابن معاوية الجعفري بفارس وأقام ابن هبيرة شهرا