وقدم على أبي مسلم صالح بْن سليمان الضبي وإبراهيم بْن يزيد وزياد بْن عيسى فوجههم إلى مالك بْن الهيثم، فقدموا عليه مع العصر، فقوي بهم أبو نصر، فقال يزيد مولى نصر بْن سيار لأصحابه: إن تركنا هؤلاء الليلة أتتهم الإمداد، فاحملوا على القوم، ففعلوا، وترجل أبو نصر وحض أصحابه، وقال: إني لأرجو أن يقطع الله من الكافرين طرفا، فاجتلدوا جلادا صادقا، وصبر الفريقان، فقتل من شيعة بني مروان أربعة وثلاثون رجلا، وأسر منهم ثمانية نفر، وحمل عبد الله الطائي على يزيد مولى نصر عميد القوم فأسره، وانهزم أصحابه، فوجه أبو نصر عبد الله الطائي بأسيره في رجال من الشيعة، ومعهم الأسرى والرءوس، وأقام أبو نصر في معسكره بسفيذنج، وفي الوفد أبو حماد المروزي وأبو عمرو الأعجمي، فأمر أبو مسلم بالرءوس فنصبت على باب الحائط الذي في معسكره، ودفع يزيد الأسلمي إلى أبي إسحاق خالد بْن عثمان، وأمره أن يعالج يزيد مولى نصر من جراحات كانت به، ويحسن تعاهده، وكتب إلى أبي نصر بالقدوم عليه، فلما اندمل يزيد مولى نصر من جراحاته دعاه أبو مسلم، فقال: إن شئت أن تقيم معنا وتدخل في دعوتنا فقد أرشدك الله، وإن كرهت فارجع إلى مولاك سالما، وأعطنا عهد الله الا تحاربنا والا تكذب علينا، وأن تقول فينا ما رأيت، فاختار الرجوع إلى مولاه، فخلى له الطريق وقال أبو مسلم: إن هذا سيرد عنكم اهل الورع والصلاح، فانا عندهم على غير الإسلام.
وقدم يزيد على نصر بْن سيار، فقال: لا مرحبا بك، والله ما ظننت استبقاك القوم الا ليتخذوك حجة علينا، فقال يزيد: فهو والله ما ظننت، وقد استحلفوني ألا أكذب عليهم، وأنا أقول: إنهم يصلون الصلوات لمواقيتها بأذان وإقامة، ويتلون الكتاب، ويذكرون الله كثيرا، ويدعون إلى ولايه رسول الله ص، وما أحسب أمرهم إلا سيعلو، ولولا إنك مولاي أعتقتني من الرق ما رجعت إليك، ولأقمت معهم فهذه أول حرب كانت بين الشيعة وشيعة بني مروان