لما ظهر أبو مسلم، تسارع إليه الناس، وجعل أهل مرو يأتونه، لا يعرض لهم نصر ولا يمنعهم، وكان الكرماني وشيبان لا يكرهان أمر أبي مسلم، لأنه دعا إلى خلع مروان بْن محمد، وأبو مسلم في قرية يقال لها بالين في خباء ليس له حرس ولا حجاب، وعظم أمره عند الناس، وقالوا: ظهر رجل من بني هاشم، له حلم ووقار وسكينة، فانطلق فتية من أهل مرو، نساك كانوا يطلبون الفقه، فأتوا أبا مسلم في معسكره، فسألوه عن نسبه، فقال: خبري خير لكم من نسبي، وسألوه عن أشياء من الفقه، فقال: أمركم بالمعروف ونهيكم عن المنكر خير لكم من هذا، ونحن في شغل، ونحن إلى عونكم أحوج منا إلى مسألتكم، فاعفونا قالوا: والله ما نعرف لك نسبا، ولا نظنك تبقى إلا قليلا حتى تقتل، وما بينك وبين ذلك إلا أن يتفرغ أحد هذين، قَالَ أبو مسلم: بل أنا أقتلهما إن شاء الله.
فرجع الفتية فأتوا نصر بْن سيار فحدثوه، فقال: جزاكم الله خيرا، مثلكم تفقد هذا وعرفه وأتوا شيبان فأعلموه، فأرسل: إنا قد أشجى بعضنا بعضا، فأرسل إليه نصر: إن شئت فكف عني حتى أقاتله، وإن شئت فجامعني على حربه حتى أقتله أو أنفيه، ثم نعود إلى أمرنا الذي نحن عليه فهم شيبان أن يفعل، فظهر ذلك في العسكر، فأتت عيون أبي مسلم فأخبروه، فقال سليمان: ما هذا الأمر الذي بلغهم! تكلمت عند أحد بشيء؟ فأخبره خبر الفتية الذين أتوه، فقال: هذا لذاك إذا فكتبوا إلى علي بْن الكرماني: إنك موتور، قتل أبوك ونحن نعلم أنك لست على رأي شيبان، وإنما تقاتل لثأرك فامنع شيبان من صلح نصر، فدخل على شيبان، فكلمه فثناه عن رأيه، فأرسل نصر إلى شيبان: إنك لمغرور، وايم الله ليتفاقمن هذا الأمر حتى تستصغرني في جنبه