حرقانيه في رءوس الرماح وهم في سبعمائة، ففزع الناس حين رأوهم، وقالوا:
ما لكم! وما حالكم؟ فأخبروهم بخلافهم مروان وآل مروان والتبرؤ منه.
فراسلهم عبد الواحد بْن سليمان- وهو يومئذ على المدينة ومكة- فراسلهم في الهدنة، فقالوا: نحن بحجنا أضن، ونحن عليه أشح وصالحهم على أنهم جميعا آمنون، بعضهم من بعض، حتى ينفر الناس النفر الأخير، وأصبحوا من الغد فوقفوا على حدة بعرفة، ودفع بالناس عبد الواحد بْن سليمان بْن عبد الملك بْن مروان، فلما كانوا بمنى ندموا عبد الواحد، وقالوا: قد أخطأت فيهم، ولو حملت الحاج عليهم ما كانوا إلا أكلة رأس فنزل أبو حمزة بقرين الثعالب، ونزل عبد الواحد منزل السلطان، فبعث عبد الواحد إلى أبي حمزة عبد الله بْن الحسن بْن الحسن بْن علي، ومحمد بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ، وعبد الرحمن بْن القاسم بْن محمد بْن أبي بكر، وعبيد الله بْن عمر بْن حفص بْن عاصم بْن عمر بْن الخطاب، وربيعة بْن أبي عبد الرحمن، في رجال أمثالهم، فدخلوا على أبي حمزة وعليه إزار قطن غليظ، فتقدمهم إليه عبد الله بْن الحسن ومحمد بْن عبد الله فنسبهما فانتسبا له، فعبس في وجوههما، وأظهر الكراهة لهما، ثم سأل عبد الرحمن بْن القاسم وعبيد الله بْن عمر فانتسبا له، فهش إليهما، وتبسم في وجوههما، وقال: والله ما خرجنا إلا لنسير بسيرة أبويكما، فقال له عبد الله بْن حسن: والله ما جئنا لتفضل بين آبائنا، ولكنا بعثنا إليك الأمير برسالة- وهذا ربيعة يخبركها- فلما ذكر ربيعة نقض العهد، قَالَ بلج وأبرهة- وكانا قائدين له: الساعة الساعة! فأقبل عليهم أبو حمزة، فقال: معاذ الله أن ننقض العهد أو نحبس، والله لا أفعل ولو قطعت رقبتي هذه، ولكن تنقضي الهدنة بيننا وبينكم فلما أبى عليهم خرجوا، فأبلغوا عبد الواحد، فلما كان النفر نفر عبد الواحد في النفر الأول، وخلى مكة لأبي حمزة، فدخلها بغير قتال قَالَ العباس: قَالَ هارون: فأنشدني يعقوب بْن طلحة الليثي أبياتا هجي بها عبد الواحد- قَالَ: وهي لبعض الشعراء لم احفظ اسمه: