للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصر والنهار قصير، فنحن ننتظره، وقد هيأنا له الغداء، فإني لقاعد مع أبي إذ مر نصر على برذون، لا أعلم في داره برذونا أسرى منه، ومعه حاجبه والحكم بْن نميلة النميري قَالَ أبي: إنه لهارب ليس معه أحد، وليس بين يديه حربة ولا راية، فمر بنا، فسلم تسليما خفيا، فلما جازنا ضرب برذونه، ونادى الحكم بْن نميلة غلمانه، فركبوا واتبعوه.

قَالَ علي: قَالَ أبو الذيال: قَالَ إياس: كان بين منزلنا وبين مرو أربعة فراسخ، فمر بنا نصر بعد العتمة، فضج أهل القرية وهربوا، فقال لي أهلي وإخواني: اخرج لا تقتل، وبكوا، فخرجت أنا وعمي المهلب بْن إياس فلحقنا نصرا بعد هدء الليل، وهو في أربعين، قد قام برذونه، فنزل عنه، فحمله بشر بْن بسطام بْن عمران بْن الفضل البرجمي على برذونه، فقال نصر: إني لا آمن الطلب، فمن يسوق بنا؟ قَالَ عبد الله بْن عرعرة الضبي:

أنا أسوق بكم، قَالَ: أنت لها، فطرد بنا ليلته حتى أصبحنا في بئر في المفازة على عشرين فرسخا أو أقل، ونحن ستمائه، فسرنا يومنا فنزلنا العصر، ونحن ننظر إلى ابيات سرخس وقصورها ونحن الف وخمسمائة، فانطلقت أنا وعمي إلى صديق لنا من بني حنيفة يقال له مسكين، فبتنا نحن عنده لم نطعم شيئا، فأصبحنا، فجاءنا بثريدة فأكلنا منها ونحن جياع لم نأكل يومنا وليلتنا، واجتمع الناس فصاروا ثلاثة آلاف، وأقمنا بسرخس يومين، فلما لم يأتنا أحد صار نصر إلى طوس، فأخبرهم خبر أبي مسلم، وأقام خمسة عشر يوما، ثم سار وسرنا إلى نيسابور فأقام بها، ونزل أبو مسلم حين هرب نصر دار الإمارة، وأقبل ابن الكرماني، فدخل مرو مع أبي مسلم، فقال ابو مسلم حين هرب نصر: يزعم نصر أني ساحر، هو والله ساحر! وقال غير من ذكرت قوله في أمر نصر وابن الكرماني وشيبان الحروري: انتهى أبو مسلم في سنة ثلاثين ومائة من معسكره بقرية سليمان بْن كثير إلى قرية تدعى الماخوان فنزلها، وأجمع على الاستظهار بعلي بْن جديع ومن معه من اليمن، وعلى دعاء نصر بْن سيار ومن معه إلى معاونته، فأرسل إلى الفريقين جميعا، وعرض على كل فريق منهم المسالمة واجتماع الكلمة والدخول

<<  <  ج: ص:  >  >>