قَالَ محمد بْن عمر: حدثني حزام بْن هشام، قَالَ: كانت الحرورية أربعمائة، وعلى طائفة من الحرورية الحارث، وعلى طائفة بكار بْن محمد العدوي، عدي قريش، وعلى طائفة أبو حمزة، فالتقوا وقد تهيأ الناس بعد الأعذار من الخوارج إليهم، وقالوا لهم: إنا والله ما لنا حاجة بقتالكم، دعونا نمض إلى عدونا فأبى أهل المدينة، فالتقوا لسبع ليال خلون من صفر يوم الخميس سنة ثلاثين ومائة، فقتل أهل المدينة، لم يفلت منهم إلا الشريد، وقتل أميرهم عبد العزيز بْن عبد الله، واتهمت قريش خزاعة أن يكونوا داهنوا الحرورية.
فقال لي حزام: والله لقد آويت رجالا من قريش منهم حتى آمن الناس، فكان بلج على مقدمتهم وقدمت الحرورية المدينة لتسع عشرة ليلة خلت من صفر حدثني العباس بْن عيسى، قَالَ: قَالَ هارون بْن موسى: أخبرني بعض أشياخنا، أن أبا حمزة لما دخل المدينة قام فخطب فقال في خطبته:
يا أهل المدينة مررت بكم في زمن الأحول هشام بْن عبد الملك، وقد أصابتكم عاهة في ثماركم وكتبتم إليه تسألونه أن يضع أخراصكم عنكم، فكتب إليكم يضعها عنكم، فزاد الغني غنى، وزاد الفقير فقرا، فقلتم:
جزاك الله خيرا، فلا جزاكم الله خيرا ولا جزاه.
قَالَ العباس: قَالَ هارون: وأخبرني يحيى بْن زكرياء ان أبا حمزه خطب بهذه الخطبة، قَالَ: رقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قَالَ:
تعلمون يا أهل المدينة أنا لم نخرج من ديارنا وأموالنا أشرا ولا بطرا ولا عبثا، ولا لدولة ملك نريد أن نخوض فيه، ولا لثأر قديم نيل منا، ولكنا لما رأينا مصابيح الحق قد عطلت، وعنف القائل بالحق، وقتل القائم بالقسط:
ضاقت علينا الأرض بما رحبت، وسمعنا داعيا يدعو إلى طاعة الرحمن وحكم القرآن، فأجبنا داعي الله «وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي