بالخلافة، وبعث إلى أبي حميد وأصحابه: أن أتاكم أبو سلمة فلا يدخل إلا وحده، فان دخل وبايع فسبيله ذلك، والا فاضربوا عنقه، فلم يلبثوا أن أتاهم أبو سلمة فدخل وحده، فسلم على أبي العباس بالخلافة، فأمره أبو العباس بالانصراف إلى عسكره، فانصرف من ليلته، فأصبح الناس قد لبسوا سلاحهم، واصطفوا لخروج أبي العباس، وأتوه بالدواب، فركب ومن معه من أهل بيته حتى دخلوا قصر الإمارة بالكوفة يوم الجمعة لاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الآخر ثم دخل المسجد من دار الإمارة، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، وذكر عظمة الرب تبارك وتعالى وفضل النبي ص، وقاد الولاية والوراثة حتى انتهيا إليه، ووعد الناس خيرا ثم سكت.
وتكلم داود بْن علي وهو على المنبر أسفل من أبي العباس بثلاث درجات، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي ص، وقال: أيها الناس، إنه والله ما كان بينكم وبين رسول الله ص خليفة إلا علي بْن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا الذي خلفي ثم نزلا وخرج أبو العباس، فعسكر بحمام أعين في عسكر أبي سلمة، ونزل معه في حجرته، بينهما ستر، وحاجب أبي العباس يومئذ عبد الله بْن بسام واستخلف على الكوفة وأرضها عمه داود بْن علي، وبعث عمه عبد الله بن على الى ابى عون ابن يزيد، وبعث ابن أخيه عيسى بْن موسى إلى الحسن بْن قحطبة، وهو يومئذ بواسط محاصر ابن هبيرة، وبعث يحيى بْن جعفر بن تمام ابن عباس إلى حميد بْن قحطبة بالمدائن، وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروه ابن محمد بْن عمار بْن ياسر إلى بسام بْن إبراهيم بْن بسام بالأهواز، وبعث سلمة بْن عمرو بْن عثمان إلى مالك بْن طريف، وأقام أبو العباس في العسكر أشهرا ثم ارتحل، فنزل المدينة الهاشمية في قصر الكوفة، وقد كان تنكر لأبي سلمة قبل تحوله حتى عرف ذلك.