واشرعوا الرماح، وجثوا على الركب، فقاتلوهم، فجعل أهل الشام يتأخرون كأنهم يدفعون، ومشى عبد الله قدما وهو يقول: يا رب، حتى متى نقتل فيك! ونادى: يا أهل خراسان، يا لثأرات إبراهيم! يا محمد، يا منصور! واشتد بينهم القتال وقال مروان لقضاعة: انزلوا، فقالوا: قل لبني سليم فلينزلوا، فأرسل إلى السكاسك أن احملوا، فقالوا: قل لبني عامر فليحملوا، فأرسل إلى السكون أن احملوا، فقالوا: قل لغطفان فليحملوا، فقال لصاحب شرطه: انزل، فقال: لا والله ما كنت لأجعل نفسي غرضا قَالَ: أما والله لأسوءنك، قَالَ: وددت والله أنك قدرت على ذلك ثم انهزم أهل الشام، وانهزم مروان، وقطع الجسر، فكان من غرق يومئذ أكثر ممن قتل، فكان فيمن غرق يومئذ إبراهيم بْن الوليد بْن عبد الملك المخلوع، وأمر عبد الله بْن علي فعقد الجسر على الزاب، واستخرجوا الغرقى فاخرجوا ثلاثمائة، فكان فيمن أخرجوا إبراهيم بْن الوليد بْن عبد الملك، فقال عبد الله بْن علي:«وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ.
» وأقام عبد الله بْن علي في عسكره سبعة أيام، فقال رجل من ولد سعيد ابن العاصي يعير مروان:
لج الفرار بمروان فقلت له ... عاد الظلوم ظليما همه الهرب
أين الفرار وترك الملك إذ ذهبت ... عنك الهوينى فلا دين ولا حسب
وكتب عبد الله بْن علي إلى أمير المؤمنين أبي العباس بالفتح، وهرب مروان وحوى عسكر مروان بما فيه، فوجد فيه سلاحا كثيرا وأموالا، ولم يجدوا فيه امرأة إلا جارية كانت لعبد الله بْن مروان، فلما اتى العباس كتاب عبد الله ابن علي صلى ركعتين، ثم قَالَ:«فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ» الى قوله: «وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشاءُ» وامر لمن شهد الوقعه