خوارج ولا آمن عليه فطابت نفسي وقلت: أراه يعنى بأمري فسرت، فلما كنت من مرو على فرسخين، تلقاني أبو مسلم في الناس، فلما دنا مني أقبل يمشي إلي، حتى قبل يدي، فقلت: اركب، فركب فدخل مرو، فنزلت دارا فمكثت ثلاثة أيام، لا يسألني عن شيء، ثم قَالَ لي في اليوم الرابع:
ما أقدمك؟ فأخبرته، فقال: فعلها أبو سلمة! أكفيكموه! فدعا مرار ابن أنس الضبي، فقال: انطلق إلى الكوفة، فاقتل أبا سلمة حيث لقيته، وانته في ذلك إلى رأي الإمام فقدم مرار الكوفة، فكان أبو سلمة يسمر عند أبي العباس، فقعد في طريقه، فلما خرج قتله فقالوا: قتله الخوارج.
قَالَ علي: فحدثني شيخ من بني سليم، عن سالم، قَالَ: صحبت أبا جعفر من الري إلى خراسان، وكنت حاجبه، فكان أبو مسلم يأتيه فينزل على باب الدار ويجلس في الدهليز، ويقول: استأذن لي، فغضب أبو جعفر علي، وقال: ويلك! إذا رأيته فافتح له الباب، وقل له يدخل على دابته.
ففعلت وقلت لأبي مسلم: إنه قَالَ كذا وكذا، قَالَ: نعم، أعلم، واستأذن لي عليه.
وقد قيل: إن أبا العباس قد كان تنكر لأبي سلمة قبل ارتحاله من عسكره بالنخيلة، ثم تحول عنه إلى المدينة الهاشمية، فنزل قصر الإمارة بها، وهو متنكر له، قد عرف ذلك منه، وكتب إلى أبي مسلم يعلمه رأيه، وما كان هم به من الغش، وما يتخوف منه، فكتب أبو مسلم إلى أمير المؤمنين:
إن كان اطلع على ذلك منه فليقتله، فقال داود بن علي لأبي العباس: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فيحتج عليك بها أبو مسلم وأهل خراسان الذين معك، وحاله فيهم حاله، ولكن اكتب إلى أبي مسلم فليبعث إليه من يقتله، فكتب إلى أبي مسلم بذلك، فبعث بذلك أبو مسلم مرار بْن أنس الضبي، فقدم على أبي العباس في المدينة الهاشمية، وأعلمه سبب قدومه، فأمر أبو العباس مناديا فنادى: إن أمير المؤمنين قد رضي عن أبي سلمة ودعاه وكساه، ثم دخل عليه بعد ذلك ليلة، فلم يزل عنده حتى ذهب عامة الليل، ثم خرج منصرفا