الرجال؟ قَالَ: نعم، قَالَ: لو رأيت اليوم معنا علمت أنه من تلك الآساد، قَالَ معن: والله يا أمير المؤمنين لقد أتيتك وإني لوجل القلب، فلما رأيت ما عندك من الاستهانة بهم وشدة الإقدام عليهم، رأيت أمرا لم أره من خلق في حرب، فشد ذلك من قلبي وحملني على ما رايت منى.
وقال ابو خزيمة: يا أمير المؤمنين، إن لهم بقية، قَالَ: فقد وليتك أمرهم فاقتلهم، قَالَ: فاقتل رزاما فإنه منهم، فعاذ رزام بجعفر بْن أبي جعفر، فطلب فيه فآمنه.
وقال علي عن أبي بكر الهذلي، قَالَ: إني لواقف بباب أمير المؤمنين إذ طلع فقال رجل إلى جانبي: هذا رب العزة! هذا الذي يطعمنا ويسقينا، فلما رجع أمير المؤمنين ودخل عليه الناس دخلت وخلا وجهه، فقلت له:
سمعت اليوم عجبا، وحدثته، فنكت في الأرض، وقال: يا هذلي، يدخلهم الله النار في طاعتنا ويعتلهم، أحب إلي من أن يدخلهم الجنة بمعصيتنا.
وذكر عن جعفر بْن عبد الله، قَالَ: حدثني الفضل بْن الربيع، قَالَ:
حدثني أبي، قَالَ: سمعت المنصور يقول: أخطأت ثلاث خطيات وقاني الله شرها: قتلت أبا مسلم وأنا في خرق ومن حولي يقدم طاعته ويؤثرها ولو هتكت الخرق لذهبت ضياعا، وخرجت يوم الراوندية ولو أصابني سهم غرب لذهبت ضياعا، وخرجت إلى الشام ولو اختلف سيفان بالعراق ذهبت الخلافة ضياعا.
وذكر أن معن بْن زائدة كان مختفيا من أبي جعفر، لما كان منه من قتاله المسودة مع ابن هبيرة مرة بعد مرة، وكان اختفاؤه عند مرزوق أبي الخصيب، وكان على أن يطلب له الأمان، فلما خرج الراوندية أتى الباب فقام عليه، فسأل المنصور أبا الخصيب- وكان يلي حجابة المنصور يومئذ: من بالباب؟
فقال: معن بْن زائدة، فقال المنصور: رجل من العرب، شديد النفس، عالم بالحرب كريم الحسب، أدخله، فلما دخل قَالَ: إيه يا معن! ما الرأي؟
قَالَ: الرأي أن تنادي في الناس وتأمر لهم بالأموال، قَالَ: وأين الناس والأموال؟