أبي جعفر، فأقاموا على حصنه محاصرين له ولمن معه في حصنه، وهم يقاتلونهم حتى طال عليهم المقام، فاحتال أبو الخصيب في ذلك فقال لأصحابه:
اضربوني واحلقوا رأسي ولحيتي، ففعلوا ذلك به، ولحق بالأصبهبذ صاحب الحصن فقال له: إني ركب مني أمر عظيم، ضربت وحلق رأسي ولحيتي وقال له: إنما فعلوا ذلك بي تهمة منهم لي أن يكون هواي معك، وأخبره أنه معه، وأنه دليل له على عورة عسكرهم فقبل منه ذلك الأصبهبذ، وجعله في خاصته وألطفه، وكان باب مدينتهم من حجر يلقى إلقاء يرفعه الرجال، وتضعه عند فتحه وإغلاقه، وكان قد وكل به الأصبهبذ ثقات أصحابه، وجعل ذلك نوبا بينهم، فقال له أبو الخصيب: ما أراك وثقت بي، ولا قبلت نصيحتي! قَالَ: وكيف ظننت ذلك؟ قَالَ: لتركك الاستعانة بي فيما يعنيك، وتوكيلي فيما لا تثق به إلا بثقاتك، فجعل يستعين به بعد ذلك، فيرى منه ما يحب إلى أن وثق به، فجعله فيمن ينوب في فتح باب مدينته وإغلاقه، فتولى له ذلك حتى أنس به ثم كتب أبو الخصيب إلى روح بْن حاتم وخازم بْن خزيمة، وصير الكتاب في نشابة، ورماها إليهم، وأعلمهم أن قد ظفر بالحيلة، ووعدهم ليله، سماها لهم في فتح الباب فلما كان في تلك الليلة فتح لهم، فقتلوا من فيها من المقاتلة، وسبوا الذراري، وظفر بالبحترية وهي أم منصور بْن المهدي، وأمها باكند بنت الأصبهبذ الأصم- وليس بالأصبهبذ الملك، ذاك أخو باكند- وظفر بشكلة أم إبراهيم بْن المهدي، وهي بنت خونادان قهرمان المصمغان، فمص الأصبهبذ خاتما له فيه سم فقتل نفسه.
وقد قيل: إن دخول روح بْن حاتم وخازم بْن خزيمة طبرستان كان في سنة ثلاث وأربعين ومائة.
وفي هذه السنة بنى المنصور لأهل البصرة قبلتهم التي يصلون إليها في عيدهم بالحمان، وولى بناءه سلمة بْن سعيد بْن جابر، وهو يومئذ على الفرات والأبلة