للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيهم علمت ذلك، وكنت على حذر واحتراس منهم، فاشخص حتى تلقى عبد الله ابن حسن متقشفا متخشعا، فإن جبهك- وهو فاعل- فاصبر وعاوده، فإن عاد فاصبر حتى يأنس بك وتلين لك ناحيته، فإذا ظهر لك ما في قلبه فاعجل علي قَالَ: فشخص حتى قدم على عبد الله، فلقيه بالكتاب، فأنكره ونهره، وقال: ما أعرف هؤلاء القوم، فلم يزل ينصرف ويعود إليه حتى قبل كتابه وألطافه، وأنس به، فسأله عقبة الجواب، فقال: أما الكتاب فإني لا أكتب إلى أحد، ولكن أنت كتابي إليهم، فأقرئهم السلام وأخبرهم أن ابني خارجان لوقت كذا وكذا قَالَ: فشخص عقبة حتى قدم على أبي جعفر، فأخبره الخبر.

قَالَ أبو زيد: حدثني أيوب بْن عمر، قَالَ: حدثني موسى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرحمن بْن عوف، قَالَ: ولى أبو جعفر الفضل ابن صالح بْن علي الموسم في سنة ثمان وثلاثين ومائة، فقال له: إن وقعت عيناك على محمد وإبراهيم، ابني عبد الله بْن حسن، فلا يفارقانك، وإن لم ترهما فلا تسأل عنهما فقدم المدينة، فتلقاه أهلها جميعا، فيهم عبد الله بْن حسن وسائر بني حسن إلا محمد وإبراهيم ابني عبد الله بْن حسن فسكت حتى صدر عن الحج، وصار إلى السيالة، فقال لعبد الله بْن حسن: ما منع ابنيك أن يلقياني مع أهلهما! قَالَ: والله ما منعهما من ذلك ريبة ولا سوء، ولكنهما منهومان بالصيد واتباعه، لا يشهدان مع أهليهما خيرا ولا شرا فسكت الفضل عنه، وجلس على دكان قد بني له بالسيالة فأمر عبد الله رعاته فسرحوا عليه ظهره، فأمر أحدهم فحلب لبنا على عسل في عس عظيم، ثم رقي به الدكان، فأومأ إليه عبد الله أن اسق الفضل بْن صالح، فقصد قصده، فلما دنا منه صاح به الفضل صيحة مغضبا: إليك يا ماص بظر أمه! فأدبر الراعي، فوثب عبد الله- وكان من أرفق الناس- فتناول القعب، ثم أقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>