الْبَقَرِ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ قَدْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا فَصَلَ هَارُونُ فِي بنى إسرائيل، وفصل موسى معهم إِلَى رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ لَهُمْ هَارُونُ:
انكم قد تحملتم أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ آلِ فِرْعَوْنَ، وَأَمْتِعَةً وَحُلِيًّا، فَتَطَهَّرُوا مِنْهَا فَإِنَّهَا نَجِسٌ، وَأَوْقَدَ لَهُمْ نَارًا، وَقَالَ: اقْذِفُوا مَا كَانَ مَعَكُمْ مِنْ ذَلِكَ فِيهَا، قَالُوا: نَعَمْ، فَجَعَلُوا يَأْتُونَ بِمَا كَانَ فِيهِمْ مِنْ تِلْكَ الْحُلِيِّ وَتِلْكَ الْأَمْتِعَةِ فَيَقْذِفُونَ بِهِ فِيهَا، حَتَّى إِذَا انْكَسَرَتِ الْحُلِيُّ فيها، راى السامرى اثر فرس جبرئيل، فَأَخَذَ تُرَابًا مِنْ أَثَرِ حَافِرِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى الْحُفْرَةِ فَقَالَ لِهَارُونَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أُلْقِي مَا فِي يَدِي؟ قَالَ: نَعَمْ، وَلا يَظُنُّ هَارُونُ إِلَّا أَنَّهُ كَبَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ غَيْرُهُ مِنْ تِلْكَ الْأَمْتِعَةِ وَالْحُلِيِّ، فَقَذَفَهُ فِيهَا، وَقَالَ: كُنْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ، فَكَانَ لِلْبَلَاءِ وَالْفِتْنَةِ، فَقَالَ: هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى، فَعَكَفُوا عَلَيْهِ وَأَحَبُّوهُ حُبًّا لَمْ يُحِبُّوا مِثْلَهُ شَيْئًا قَطُّ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: «فَنَسِيَ» ، أَيْ تَرَكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الْإِسْلَامِ، - يَعْنِي السَّامِرِيَّ- «أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً» .
قَالَ: وَكَانَ اسْمُ السَّامِرِيِّ مُوسَى بْنُ ظُفْرٍ، وَقَعَ فِي أَرْضِ مِصْرَ، فَدَخَلَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا رَأَى هَارُونُ مَا وَقَعُوا فِيهِ قَالَ: «يَا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ» - إلى قوله- «حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى» فَأَقَامَ هَارُونُ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِمَّنْ لَمْ يُفْتَتَنْ، وَأَقَامَ مَنْ يَعْبُدُ الْعِجْلَ عَلَى عِبَادَةِ الْعِجْلِ، وَتَخَوَّفَ هَارُونُ إِنْ سَارَ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَقُولَ لَهُ مُوسَى: «َّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
» ، وَكَانَ لَهُ هَائِبًا مُطِيعًا، وَمَضَى مُوسَى بِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَى الطُّورِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعَدَ بَنِي إِسْرَائِيلَ حِينَ أَنْجَاهُمْ وَأَهْلَكَ عَدُوَّهُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنِ، وَكَانَ مُوسَى حِينَ سَارَ ببني إسرائيل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute