للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنه غير عائد إليك أبدا، فابتدره بنو إخوته يعرضون أنفسهم عليه، فجزاهم خيرا، وقال: أنا أكره أن أفجعهم بكم، ولكن اذهب أنت يا موسى، قَالَ: فذهبت وأنا يومئذ حديث السن، فلما نظر إلي قَالَ:

لا أنعم الله بك عينا، السياط يا غلام قَالَ: فضربت والله حتى غشي علي، فما أدري بالضرب، فرفعت السياط عني، ودعاني فقربت منه واستقربني.

فقال: أتدري ما هذا؟ هذا فيض فاض مني، فأفرغت منه سجلا لم أستطع رده، ومن ورائه الموت أو تفتدي منه قَالَ: فقلت: يا أمير المؤمنين، والله إن ما لي ذنب، وإني لبمعزل عن هذا الأمر قَالَ: فانطلق فأتني بأخويك، قَالَ: فقلت: يا أمير المؤمنين، تبعثني إلى رياح بْن عثمان فيضع علي العيون والرصد، فلا أسلك طريقا إلا تبعني له رسول، ويعلم ذلك أخواي فيهربان مني! قَالَ: فكتب إلى رياح: لا سلطان لك على موسى، قَالَ: وأرسل معي حرسا أمرهم أن يكتبوا إليه بخبري، قَالَ: فقدمت المدينة، فنزلت دار ابن هشام بالبلاط، فأقمت بها أشهرا، فكتب إليه رياح: إن موسى مقيم بمنزله يتربص بأمير المؤمنين الدوائر، فكتب إليه: إذا قرأت كتابي هذا فاحدره إلي، فحدرني.

قَالَ: وحدثني محمد بْن إسماعيل، قَالَ: حدثني موسى، قَالَ: أرسل أبي إلى أبي جعفر: إني كاتب إلى محمد وإبراهيم، فأرسل موسى عسى أن يلقاهما، وكتب إليهما أن يأتياه، وقال لي: أبلغهما عني فلا يأتياه أبدا قَالَ: وإنما أراد أن يفلتني من يده- وكان أرق الناس على، وكنت اصغر ولد هند- وارسل إليهما:

يا بنى أمية إني عنكما غان ... وما الغني غير انى مرعش فان

يا بنى أمية إلا ترحما كبري ... فإنما أنتما والثكل مثلان

قَالَ: فأقمت بالمدينة مع رسل أبي جعفر إلى أن استبطأني رياح، فكتب إلى ابى جعفر بذلك، فحدرنى اليه

<<  <  ج: ص:  >  >>