حَدَّثَنَا ابن حميد، قال: حَدَّثَنَا سلمة، عن ابن إسحاق، قَالَ: كان صفي الله قد كره الموت وأعظمه، فلما كرهه أراد الله تعالى أن يجب إليه الموت ويكره إليه الحياة، فحولت النبوة إلى يوشع بن نون، فكان يغدو عليه ويروح، فيقول له موسى: يا نبي الله، ما أحدث الله إليك؟ فيقول له يوشع بن نون: يا نبي الله، ألم أصحبك كذا وكذا سنة، فهل كنت أسألك عن شيء مما أحدث الله إليك حتى تكون أنت الذي تبتدئ به وتذكره؟ فلا يذكر له شيئا، فلما رأى موسى ذلك كره الحياة وأحب الموت.
قَالَ ابْنُ حُمَيْدٍ: قَالَ سَلَمَةُ: قَالَ ابْنُ إسحاق: وكان صفي الله- فيما ذكر لي وهب بن منبه- انما يستظل في عريش ويأكل ويشرب في نقير من حجر، إذا أراد أن يشرب بعد أن أكل كرع كما تكرع الدابة في ذلك النقير، تواضعا لله حين أكرمه الله بما أكرمه به من كلامه.
قَالَ وهب: فذكر لي أنه كان من أمر وفاته أن صفي الله خرج يوما من عريشه ذلك لبعض حاجته لا يعلم به أحد من خلق الله، فمر برهط من الملائكة يحفرون قبرا فعرفهم وأقبل إليهم، حتى وقف عليهم، فإذا هم يحفرون قبرا لم ير شيئا قط أحسن منه، ولم ير مثل ما فيه من الخضرة والنضرة والبهجة، فقال لهم: يا ملائكة الله لمن تحفرون هذا القبر؟ قَالُوا: نحفره لعبد كريم على ربه، قَالَ: إن هذا العبد من الله لبمنزل! ما رأيت كاليوم مضجعا ولا مدخلا! وذلك حين حضر من أمر الله ما حضر من قبضه، فقالت له الملائكة: يا صفي الله، أتحب أن يكون لك؟ قَالَ: وددت قَالُوا:
فانزل فاضطجع فيه، وتوجه إلى ربك، ثم تنفس أسهل تنفس تنفسته قط