للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرات ودجلة، ويصلح أن تبتنى فيه مدينة، فقال للراهب الذي في الدير:

يا راهب، أريد أن أبني هاهنا مدينة، فقال: لا يكون، إنما يبنى هاهنا ملك يقال له أبو الدوانيق، فضحك المنصور في نفسه، وقال: أنا أبو الدوانيق.

وأمر فخطت المدينة، ووكل بها أربعة قواد، كل قائد بربع.

وذكر عن سليمان بْن مجالد، أن المنصور أراد أبا حنيفه النعمان بْن ثابت على القضاء، فامتنع من ذلك، فحلف المنصور أن يتولى له، وحلف أبو حنيفة ألا يفعل، فولاه القيام ببناء المدينة وضرب اللبن وعده، وأخذ الرجال بالعمل قَالَ: وإنما فعل المنصور ذلك ليخرج من يمينه، قَالَ:

وكان أبو حنيفة المتولي لذلك، حتى فرغ من استتمام بناء حائط المدينة مما يلي الخندق، وكان استتمامه في سنة تسع وأربعين ومائة.

وذكر عن الهيثم بْن عدي، أن المنصور عرض على أبي حنيفة القضاء والمظالم فامتنع، فحلف ألا يقلع عنه حتى يعمل، فأخبر بذلك أبو حنيفة، فدعا بقصبة، فعد اللبن على رجل قد لبنه، وكان أبو حنيفة أول من عد اللبن بالقصب، فأخرج أبا جعفر عن يمينه، واعتل فمات ببغداد.

وقيل: إن أبا جعفر لما أمر بحفر الخندق وإنشاء البناء وإحكام الأساس، أمر أن يجعل عرض السور من أسفله خمسين ذراعا، وقدر أعلاه عشرين ذراعا، وجعل في البناء جوائز قصب مكان الخشب، في كل طرقة، فلما بلغ الحائط مقدار قامة- وذلك في سنة خمس وأربعين ومائة- أتاه خبر خروج محمد فقطع البناء.

وذكر عن أحمد بْن حميد بْن جبلة، قَالَ: حدثني أبي، عن جدي جبلة، قَالَ: كانت مدينة أبي جعفر قبل بنائها مزرعة للبغداديين، يقال لها المباركة، وكانت لستين نفسا منهم، فعوضهم منها وأرضاهم، فأخذ جدي قسمه منها.

وذكر عن إبراهيم بْن عيسى بْن المنصور، أن حمادا التركي قَالَ: كان حول مدينة أبي جعفر قرى قبل بنائها، فكان إلى جانب باب الشام قرية

<<  <  ج: ص:  >  >>