فصحبنا أعرابي في بعض الطريق، فقلنا له: ما اسمك؟ قَالَ: فلان بْن أبي مصاد الكلبي، فلم يفارقنا حتى قربنا من البصرة، فأقبل علي يوما، فقال: أليس هذا إبراهيم بْن عبد الله بْن حسن؟ فقلت: لا، هذا رجل من أهل الشام، فلما كنا على ليلة من البصرة، تقدم إبراهيم وتخلفنا عنه، ثم دخلنا من غد.
قال عمر: وحدثنى أبو صفوان نصر بْن قديد بْن نصر بْن سيار، قَالَ:
كان مقدم إبراهيم البصرة في أول سنة ثلاث وأربعين ومائة، منصرف الناس من الحج، فكان الذي أقدمه وتولى كراءه وعادله في محمله يحيى بْن زياد ابن حسان النبطي، فأنزله في داره في بني ليث، واشترى له جارية أعجمية سندية، فأولدها ولدا في دار يحيى بْن زياد، فحدثني ابن قديد ابن نصر، أنه شهد جنازة ذلك المولود، وصلى عليه يحيى بْن زياد.
قَالَ: وحدثني محمد بْن معروف، قَالَ: حدثني أبي، قَالَ: نزل إبراهيم بالخيار من أرض الشام على آل القعقاع بْن خليد العبسي، فكتب الفضل بْن صالح بْن علي- وكان على قنسرين- إلى أبي جعفر في رقعة أدرجها في أسفل كتابه، يخبره خبر إبراهيم، وأنه طلبه فوجده قد سبقه منحدرا إلى البصرة، فورد الكتاب على أبي جعفر، فقرأ أوله فلم يجد إلا السلامة، فألقى الكتاب إلى أبي أيوب المورياني، فألقاه في ديوانه، فلما أرادوا أن يجيبوا الولاة عن كتبهم فتح أبان بْن صدقة- وهو يومئذ كاتب أبي أيوب- كتاب الفضل، لينظر في تأريخه، فأفضى إلى الرقعة، فلما رأى أولها: أخبر أمير المؤمنين، أعادها في الكتاب، وقام إلى أبي جعفر، فقرأ الكتاب، فأمر بإذكاء العيون ووضع المراصد والمسالح.
قَالَ: وحدثني الفضل بْن عبد الرحمن بْن الفضل، قَالَ: أخبرني أبي قَالَ: سمعت إبراهيم يقول: اضطرني الطلب بالموصل حتى جلست على موائد أبي جعفر، وذلك أنه قدمها يطلبني، فتحيرت، فلفظتني الأرض، فجعلت