للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقبل إبراهيم ومعه جماعة كثيرة من أفناء الناس، اكثر من جماعه عيسى ابن موسى، فالتقوا بباخمري- وهي على ستة عشر فرسخا من الكوفة- فاقتتلوا بها قتالا شديدا، وانهزم حميد بْن قحطبة- وكان على مقدمة عيسى بْن موسى- وانهزم الناس معه، فعرض لهم عيسى بن موسى يناشدهم الله والطاعة فلا يلوون عليه، ومروا منهزمين وأقبل حميد بْن قحطبة منهزما، فقال له عيسى بْن موسى: يا حميد، الله الله والطاعة! فقال: لا طاعة في الهزيمة ومر الناس كلهم حتى لم يبق منهم أحد بين يدي عيسى بْن موسى، وعسكر إبراهيم بْن عبد الله، فثبت عيسى بْن موسى في مكانه الذي كان فيه لا يزول، وهو في مائة رجل من خاصته وحشمه، فقيل له: أصلح الله الأمير! لو تنحيت عن هذا المكان حتى يثوب إليك الناس فتكر بهم! فقال:

لا أزول عن مكاني هذا أبدا حتى أقتل أو يفتح الله على يدي، ولا يقال:

انهزم.

وذكر عبد الرحيم بْن جعفر بْن سليمان بْن علي أن إسحاق بْن عيسى بْن علي حدثه أنه سمع عيسى بْن موسى يحدث أباه أنه قَالَ: لما أراد أمير المؤمنين توجيهي إلى إبراهيم، قَالَ: إن هؤلاء الخبثاء- يعني المنجمين- يزعمون أنك لاق الرجل، وأن لك جولة حين تلقاه، ثم يفيء إليك أصحابك، وتكون العاقبة لك قال: فو الله لكان كما قَالَ، ما هو إلا أن التقينا فهزمونا، فلقد رأيتني وما معي إلا ثلاثة أو أربعة، فأقبل علي مولى لي- كان ممسكا بلجام دابتي- فقال: جعلت فداك! علام تقيم وقد ذهب أصحابك! فقلت: لا والله، لا ينظر أهل بيتي إلى وجهي ابدا وقد انهزمت عن عدوهم.

قال: فو الله لكان أكثر ما عندي أن جعلت أقول لمن مر بي ممن أعرف من المنهزمين: اقرئوا أهل بيتي مني السلام، وقولوا لهم: إني لم أجد فداء أفديكم به أعز علي من نفسي، وقد بذلتها دونكم قال: فو الله إنا لعلى ذلك والناس منهزمون ما يلوي أحد على أحد وصمد ابنا سليمان: جعفر ومحمد لإبراهيم، فخرجا عليه من ورائه، ولا يشعر من باعقابنا من أصحاب إبراهيم، حتى نظر

<<  <  ج: ص:  >  >>