للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبا زكرياء فحبسه عنده، فأمره أبو جعفر بقتله، فقتله بيده حاجب كان لأبي العباس الطوسي يقال له موسى، على باب الذهب في الرحبة بأمر المنصور، وأمر أبو جعفر بهدم ما شخص من الدور في طريق المدينة، ووضع الطريق على مقدار أربعين ذراعا، وهدم ما زاد على ذلك المقدار، وأمر بنقل الأسواق إلى الكرخ.

وذكر عن أبي جعفر أنه لما أمر بإخراج التجار من المدينة إلى الكرخ كلمه أبان بْن صدقة في بقال، فأجابه إليه على ألا يبيع إلا الخل والبقل وحده، ثم أمر أن يجعل في كل ربع بقال واحد على ذلك المثال.

وذكر عن علي بْن محمد أن الفضل بْن الربيع، حدثه أن المنصور لما فرغ من بناء قصره بالمدينة، دخله فطاف فيه، واستحسنه واستنظفه، وأعجبه ما رأى فيه، غير انه استكثره ما أنفق عليه قَالَ: ونظر إلى موضع فيه استحسنه جدا، فقال لي: اخرج إلى الربيع فقل له: اخرج إلى المسيب، فقل له: يحضرني الساعة بناء فارها قَالَ: فخرجت إلى المسيب فأخبرته، فبعث إلى رئيس البنائين فدعاه، فأدخله على أبي جعفر، فلما وقف بين يديه قَالَ له: كيف عملت لأصحابنا في هذا القصر؟ وكم أخذت من الأجرة لكل ألف آجرة ولبنة؟ فبقي البناء لا يقدر على أن يرد عليه شيئا، فخافه المسيب، فقال له المنصور: مالك لا تكلم! فقال: لا علم لي يا أمير المؤمنين، قَالَ: ويحك! قل وأنت آمن من كل ما تخافه قَالَ: يا أمير المؤمنين، لا والله ما أقف عليه ولا اعلمه قال: فاخذ بيده، وقال له: تعال، لا علمك الله خيرا! وأدخله الحجرة التي استحسنها، فأراه مجلسا كان فيها، فقال له:

انظر إلى هذا المجلس وابن لي بإزائه طاقا يكون شبيها بالبيت، لا تدخل فيه خشا، قَالَ: نعم يا أمير المؤمنين، قَالَ: فأقبل البناء وكل من معه يتعجبون من فهمه بالبناء والهندسة، فقال له البناء: ما أحسن أن أجيء به على هذا، ولا أقوم به على الذي تريد! فقال له: فأنا أعينك عليه، قَالَ: فأمر بالآجر والجص، فجيء به، ثم أقبل يحصي جميع ما دخل في بناء الطاق من الآجر والجص، ولم يزل كذلك حتى فرغ منه في يومه وبعض اليوم الثاني،

<<  <  ج: ص:  >  >>