للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا أجهل مذهبك الذي تضمره، ولا مداك الذي تجري إليه في الأمر الذي سألتك، انما تريد هذا الأمر لابنك هذا المشئوم عليك وعلى نفسه، فقال عيسى بْن علي: يا أمير المؤمنين، غمزني البول، قَالَ: فندعو لك بإناء تبول فيه، قَالَ: أفي مجلسك يا أمير المؤمنين! ذاك ما لا يكون، ولكن أقرب البلاليع مني أدل عليها فآتيها فامر من يدله، فانطلق فقال عيسى ابن موسى لابنه موسى: قم مع عمك، فاجمع عليه ثيابه من ورائه، وأعطه منديلا إن كان معك ينشف به، فلما جلس عيسى يبول جمع موسى عليه ثيابه من ورائه وهو لا يراه، فقال: من هذا؟ فقال: موسى بْن عيسى، فقال: بأبي أنت وبأبي أب ولدك! والله إني لأعلم أنه لا خير في هذا الأمر بعدكما، وإنكما لأحق به، ولكن المرء مغرى بما تعجل، فقال موسى في نفسه: أمكنني والله هذا من مقاتله، وهو الذي يغري بأبي، والله لأقتلنه بما قَالَ لي، ثم لا أبالي أن يقتلني أمير المؤمنين بعده، بل يكون في قتله عزاء لأبي وسلو عني إن قتلت فلما رجعا إلى موضعهما قَالَ موسى: يا أمير المؤمنين، أذكر لأبي أمرا؟ فسره ذلك، وظن أنه يريد أن يذاكره بعض أمرهم، فقال:

قم، فقام إليه، فقال: يا أبت، إن عيسى بْن علي قد قتلك وإياي قتلات بما يبلغ عنا، وقد أمكنني من مقاتله، قَالَ: وكيف؟ قَالَ:

قَالَ لي كيت وكيت، فأخبر أمير المؤمنين فيقتله، فتكون قد شفيت نفسك وقتلته قبل أن يقتلك وإياي ثم لا نبالي ما كان بعد فقال: أف لهذا رأيا ومذهبا! ائتمنك عمك على مقالة أراد أن يسرك بها، فجعلتها سببا لمكروهه وتلفه! لا يسمعن هذا منك أحد، وعد إلى مجلسك فقام فعاد، وانتظر أبو جعفر أن يرى لقيامه إلى أبيه وكلامه أثرا فلم يره، فعاد إلى وعيده الأول وتهدده، فقال: أما والله لاعجلن لك فيه ما يسوءك ويوئسك من بقائه بعدك، أيا ربيع، قم إلى موسى فاخنقه بحمائله، فقام الربيع فضم حمائله عليه، فجعل يخنقه بها خنقا رويدا، وموسى يصيح: الله الله يا أمير المؤمنين في وفي دمي! فإني لبعيد مما تظن بي، وما يبالي عيسى أن تقتلني وله بضعة عشر نفرا ذكرا-

<<  <  ج: ص:  >  >>