للمهدي، وما قد تقدمنا به في أمره، فهل عندك حيلة فيه، فقد أعيتنا وجوه الحيل، وضل عنا الرأي! فقال: نعم يا أمير المؤمنين، تضم إلي ثلاثين رجلا من كبار الشيعة، ممن تختاره قَالَ: فركب خالد بْن برمك، وركبوا معه، فساروا إلى عيسى بْن موسى، فأبلغوه رسالة أبي جعفر المنصور، فقال:
ما كنت لأخلع نفسي وقد جعل الله عز وجل الأمر لي، فأداره خالد بكل وجه من وجوه الحذر والطمع، فأبى عليه، فخرج خالد عنه وخرجت الشيعة بعده، فقال لهم خالد: ما عندكم في أمره؟ قالوا: نبلغ أمير المؤمنين رسالته ونخبره بما كان منا ومنه، قَالَ: لا، ولكنا نخبر أمير المؤمنين أنه قد أجاب، ونشهد عليه أن أنكره، قالوا له: افعل، فإنا نفعل، فقال لهم: هذا هو الصواب، وأبلغ أمير المؤمنين فيما حاول وأراد.
قَالَ: فساروا إلى أبي جعفر وخالد معهم، فأعلموه أنه قد أجاب، فأخرج التوقيع بالبيعة للمهدي، وكتب بذلك الى الافاق، قال: واتى عيسى ابن موسى لما بلغه الخبر أبا جعفر منكرا لما ادعي عليه من الإجابة إلى تقديم المهدي على نفسه، وذكره الله فيما قد هم به فدعاهم أبو جعفر، فسألهم فقالوا: نشهد عليه أنه قد أجاب، وليس له أن يرجع، فأمضى أبو جعفر الأمر، وشكر لخالد ما كان منه، وكان المهدي يعرف ذلك له، ويصف جزالة الرأي منه فيه.
وذكر عن علي بْن محمد بْن سليمان، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أبي سليم مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: إني لأسير مع سليمان بْن عبد الله بْن الحارث بْن نوفل، وقد عزم أبو جعفر على أن يقدم المهدي على عيسى بْن موسى في البيعة، فإذا نحن بأبي نخيلة الشاعر، ومعه ابناه وعبداه، وكل واحد منهما يحمل شيئا من متاع، فوقف عليهم سليمان بْن عبد الله، فقال: أبا نخيلة، ما هذا الذي أرى؟ وما هذه الحال التي أنت فيها؟
قَالَ: كنت نازلا على القعقاع- وهو رجل من آل زرارة، وكان يتولى