وأتى الجبارين، فقال: لا ترهبوا بني إسرائيل، فإني إذا خرجتم تقاتلونهم أدعو عليهم دعوة فيهلكون، فكان عندهم فيما شاء من الدنيا، غير أنه كان لا يستطيع أن يأتي النساء من عظمهن، فكان ينكح أتانا له، وهو الذي يقول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ:
«وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا» أي فبصر «فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ» إلى قوله: «وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ» ، فكان بلعم يلهث كما يلهث الكلب، فخرج يوشع يقاتل الجبارين في الناس، وخرج بلعم مع الجبارين على أتانه، وهو يريد أن يلعن بني إسرائيل، فكلما أراد أن يدعو على بني إسرائيل جاء على الجبارين، فقال الجبارون: إنك إنما تدعو علينا، فيقول: إنما أردت بني إسرائيل، فلما بلغ باب المدينة أخذ ملك بذنب الأتان فأمسكها، وجعل يحركها فلا تتحرك، فلما أكثر ضربها تكلمت، فقالت: أنت تنكحني بالليل وتركبني بالنهار! ويلي منك! ولو أني أطقت الخروج لخرجت بك، ولكن هذا الملك يحبسني، فقاتلهم يوشع يوم الجمعة قتالا شديدا حتى أمسوا وغربت الشمس، ودخل السبت فدعا الله فقال للشمس: إنك في طاعة الله وأنا في طاعة الله، اللهم اردد علي الشمس، فردت عليه الشمس، فزيد له في النهار يومئذ ساعة، فهزم الجبارين واقتحموا عليهم يقتلونهم، فكانت العصابة من بني إسرائيل يجتمعون على عنق الرجل يضربونها لا يقطعونها وجمعوا غنائمهم، وأمرهم يوشع أن يقربوا الغنيمه فقربوها، فلم تزل النار تأكلها، فقال يوشع: يا بني إسرائيل ان لله عز وجل عندكم طلبة، هلموا فبايعوني، فبايعوه فلصقت يد رجل منهم بيده، فقال: هلم ما عندك! فأتاه برأس ثور من ذهب مكلل بالياقوت والجوهر، كان قد غله، فجعله في القربان، وجعل الرجل معه، فجاءت النار فأكلت الرجل والقربان