للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرجوزه، فأنشدتها من أولها إلى هذا الموضع أيضا، فأعدت عليه حتى أتيت على آخرها، والناس منصتون، وهو يتسار بما أنشده، مستمعا له، فلما خرجنا من عنده إذا رجل واضع يده على منكبي، فالتفت فإذا عقال بْن شبة يقول: أما أنت فقد سررت أمير المؤمنين، فإن التأم الأمر على ما تحب وقلت، فلعمري لتصيبن منه خيرا وإن يك غير ذلك، فابتغ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ قَالَ: فكتب له المنصور بصلة إلى الري، فوجه عيسى في طلبه، فلحق في طريقه، فذبح وسلخ وجهه.

وقيل: قتل بعد ما انصرف من الري، وقد أخذ الجائزة.

وذكر عن الوليد بْن محمد العنبري أن سبب إجابة عيسى أبا جعفر إلى تقديم المهدي عليه كان أن سلم بْن قتيبة قَالَ له: أيها الرجل بايع، وقدمه على نفسك، فإنك لن تخرج من الأمر، قد جعل لك الأمر من بعده وترضي أمير المؤمنين قَالَ: أو ترى ذلك؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فإني أفعل، فأتى سلم المنصور فأعلمه إجابة عيسى، فسر بذلك وعظم قدر سلم عنده.

وبايع الناس للمهدي ولعيسى بْن موسى من بعده وخطب المنصور خطبته التي كان فيها تقديم المهدي على عيسى، وخطب عيسى بعد ذلك فقدم المهدي على نفسه، ووفى له المنصور بما كان ضمن له.

وقد ذكر عن بعض صحابة أبي جعفر أنه قَالَ: تذاكرنا أمر أبي جعفر المنصور وأمر عيسى بْن موسى في البيعة وخلعه إياها من عنقه وتقديمه المهدي، فقال لي رجل من القواد سماه: والله الذي لا إله غيره، ما كان خلعه إياها منه إلا برضا من عيسى وركون منه إلى الدراهم، وقلة علمه بقدر الخلافة، وطلبا للخروج منها، أتى يوم خرج للخلع فخلع نفسه، وإني لفي مقصورة مدينة السلام، إذ خرج علينا أبو عبيد الله كاتب المهدي، في جماعة من أهل خراسان، فتكلم عيسى، فقال: إني قد سلمت ولاية العهد

<<  <  ج: ص:  >  >>