له في حل ألوية القواد الذين معه، وأن يكتب إليهم بالسمع له والطاعة.
فأجابه المهدي إلى كل ما سأل.
فانصرف خازم إلى عسكره، فعمل برأيه، وحل لواء من رأى حل لوائه من القواد، وعقد لواء لمن أراد، وضم إليه من كان انهزم من الجنود، فجعلهم حشوا يكثر بهم من معه في أخريات الناس، ولم يقدمهم لما في قلوب المغلوبين من روعة الهزيمة، وكان من ضم إليه من هذه الطبقة اثنين وعشرين ألفا، ثم انتخب ستة آلاف رجل من الجند، فضمهم إلى اثني عشر ألفا كانوا معه متخيرين، وكان بكار بْن مسلم العقيلي فيمن انتخب، ثم تعبأ للقتال وخندق واستعمل الهيثم بْن شعبة بْن ظهير على ميمنته، ونهار بْن حصين السعدي على ميسرته، وكان بكار بْن مسلم العقيلي على مقدمته وترار خدا على ساقته، وكان من أبناء ملوك أعاجم خراسان، وكان لواؤه مع الزبرقان وعلمه مع مولاه بسام، فمكر بهم وراوغهم في تنقله من موضع إلى موضع وخندق إلى خندق حتى قطعهم، وكان أكثرهم رجالة، ثم سار خازم إلى موضع فنزله، وخندق عليه، وأدخل خندقه جميع ما أراد، وأدخل فيها جميع أصحابه، وجعل له أربعة أبواب، وجعل على كل باب منها من أصحابه الذين انتخب، وهم أربعة آلاف، وجعل مع بكار صاحب مقدمته ألفين، تكملة الثمانية عشر ألفا وأقبل الآخرون ومعهم المروز والفؤوس والزبل، يريدون دفن الخندق ودخوله، فأتوا الخندق من الباب الذي كان عليه بكار بْن مسلم، فشدوا عليه شدة لم يكن لأصحاب بكار نهاية دون أن انهزموا حتى دخلوا عليهم الخندق.
فلما رأى ذلك بكار رمى بنفسه، فترجل على باب الخندق ثم نادى أصحابه: يا بني الفواجر، من قبلي يؤتى المسلمون! فترجل من معه من عشيرته وأهله نحو من خمسين رجلا، فمنعوا بابهم حتى أجلوا القوم عنه، وأقبل إلى الباب الذي كان عليه خازم رجل كان مع أستاذسيس من أهل سجستان، يقال له الحريش، وهو الذي كان يدبر أمرهم، فلما رآه خازم