للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان غدا فتقدمني، فاجلس في دار أمير المؤمنين، فإذا رأيتني قد دخلت وتوسطت أصحاب المراتب، فخذ بعنان بغلتي، فاستوقفني واستحلفني بحق رسول الله، وحق العباس وحق أمير المؤمنين لما وقفت لك، وسمعت مسألتك وأجبتك عنها، فإني سأنتهرك، وأغلظ لك القول، فلا يهولنك ذلك مني، وعاودني بالمسألة فإني سأشتمك، فلا يروعنك ذلك، وعاودني بالقول والمسألة، فإني سأضربك بسوطي، فلا يشق ذلك عليك، فقل لي:

أي الحيين أشرف؟ اليمن أم مضر؟ فإذا أجبتك فخل عنان بغلتي وأنت حر.

قَالَ: فغدا الغلام، فجلس حيث أمره من دار الخليفة، فلما جاء الشيخ فعل الغلام ما أمره به مولاه، وفعل المولى ما كان قاله له، ثم قَالَ له:

قل، فقال: أي الحيين أشرف؟ اليمن أم مضر؟ قَالَ: فقال قثم:

مضر كان منها رسول الله ص، وفيها كتاب الله عز وجل، وفيها بيت الله، ومنها خليفة الله قَالَ: فامتعضت اليمن إذ لم يذكر لها شيء من شرفها، فقال له قائد من قواد اليمن: ليس الأمر كذلك مطلقا بغير شرفة ولا فضيلة لليمن، ثم قَالَ لغلامه: قم فخذ بعنان بغله الشيخ، فاكبحها كبحا عنيفا تطامن به منه، قَالَ: ففعل الغلام ما أمره به مولاه حتى كاد أن يقعيها على عراقيبها، فامتعضت من ذلك مضر، فقالت:

أيفعل هذا بشيخنا! فأمر رجل منهم غلامه، فقال: اقطع يد العبد، فقام إلى غلام اليماني فقطع يده، فنفر الحيان، وصرف قثم بغلته، فدخل على أبي جعفر، وافترق الجند، فصارت مضر فرقة، واليمن فرقة، والخراسانية فرقة، وربيعة فرقة، فقال قثم لأبي جعفر: قد فرقت بين جندك، وجعلتهم أحزابا كل حزب منهم يخاف أن يحدث عليك حدثا، فتضربه بالحزب الآخر، وقد بقي عليك في التدبير بقية، قَالَ: ما هي؟ قَالَ: اعبر بابنك فأنزله في ذلك الجانب قصرا، وحوله وحول معك من جيشك معه قوما

<<  <  ج: ص:  >  >>