من أعدائه، ثم أمر بهم فأخرجوا، فقتلهم وصلبهم ثم أنزلهم من الخشب، وطرحهم في الغار الذي كانوا فيه، وتتبع سائر الملوك بالشام، فاستباح منهم أحدا وثلاثين ملكا، وفرق الأرض التي غلب عليها ثم مات يوشع، فلما مات دفن في جبل أفراييم، وقام بعده سبط يهوذا وسبط شمعون بحرب الكنعانيين، فاستباحوا حريمهم، وقتلوا منهم عشرة آلاف ببازق، وأخذوا ملك بازق فقطعوا إبهامي يديه ورجليه، فقال عند ذلك ملك بازق: قد كان يلقط الخبز من تحت مائدتي سبعون ملكا مقطعي الأباهيم، فقد جزاني الله بصنيعي، وأدخلوا ملك بازق أورشليم، فمات بها وحارب بنو يهوذا سائر الكنعانيين واستولوا على أرضهم، وكان عمر يوشع مائة سنة وستا وعشرين سنة وتدبيره أمر بني إسرائيل منذ توفي موسى إلى أن توفي يوشع بن نون سبعا وعشرين سنة.
وقد قيل إن أول من ملك من ملوك اليمن، ملك كان لهم في عهد موسى بن عمران من حمير، يقال له: شمير بن الأملول، وهو الذي بنى مدينة ظفار باليمن، وأخرج من كان بها من العماليق، وإن شمير بن الأملول الحميري هذا كان من عمال ملك الفرس يومئذ على اليمن ونواحيها.
وزعم هشام بن مُحَمَّد الكلبي أن بقية بقيت من الكنعانيين بعد ما قتل يوشع من قتل منهم، وأن إفريقيس بن قيس بن صيفي بن سبا بن كعب ابن زيد بن حمير بن سبإ بن يشجب بن يعرب بن قحطان مر بهم متوجها إلى إفريقية، فاحتملهم من سواحل الشام، حتى أتى بهم إفريقية، فافتتحها وقتل ملكها جرجيرا، وأسكنها البقية التي كانت بقيت من الكنعانيين الذين كان احتملهم معه من سواحل الشام قَالَ: فهم البرابرة، قَالَ: وإنما سموا بربرا، لأن إفريقيس قَالَ لهم: ما أكثر بربرتكم! فسموا لذلك بربرا، وذكر أن إفريقيس قَالَ في ذلك من أمرهم شعرا، وهو قوله:
بربرت كنعان لما سقتها ... من أراضي الهلك للعيش العجب
قَالَ: وأقام من حمير في البربر صنهاجة وكتامة، فهم فيهم إلى اليوم