هذا، قَالَ الله عز وجل مكذبا قيله:«أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً» للأموال ولو كان الله إنما يعطي الأموال والدنيا من يعطيه إياها لرضاه عنه، وفضله عنده، لم يهلك من أهلك من أرباب الأموال الكثيرة قبله، مع كثرة ما كان أعطاهم منها، فلم يردعه عن جهله، وبغيه على قومه بكثرة ماله عظة من وعظه، وتذكير من ذكره بالله ونصيحته إياه، ولكنه تمادى في غيه وخسارته، حتى خرج على قومه في زينته راكبا برذونا أبيض مسرجا بسرج الأرجوان، قد لبس ثيابا معصفرة، قد حمل معه من الجواري بمثل هيئته وزينته على مثل برذونه ثلاثمائة جارية وأربعة آلاف من أصحابه.
وقال بعضهم: كان الذين حملهم على مثل هيئته وزينته من أصحابه.
سبعين ألفا.
حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو خالد الأحمر، عن عثمان بن الأسود، عن مجاهد:«فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ» ، قَالَ: على براذين بيض، عليها سروج الأرجوان، عليهم المعصفرة فتمنى أهل الخسار من الذين خرج عليهم في زينته مثل الذي أوتيه، فقالوا:«يَا لَيْتَ لَنا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ» ، فأنكر ذلك من قوله عليهم أهل العلم بالله فقالوا لهم: ويلكم أيها المتمنون مثل ما أوتي قارون! اتقوا الله، واعملوا بما أمركم الله به، وانتهوا عما نهاكم عنه، فإن ثواب الله وجزاءه أهل طاعته خير لمن آمن به وبرسله، وعمل بما أمره به من صالح الأعمال، يقول الله:«وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ» ، يقول: لا يلقى مثل هذه الكلمة إلا الذين صبروا عن طلب زينة الحياة الدنيا، وآثروا جزيل ثواب الله على صالح الأعمال على لذات الدنيا وشهواتها، فعملوا له بما يوجب لهم ذلك