للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمد لله على نعمته وتوحيده.

وذكر عن أبي بكر الهذلي، قَالَ: كتب صاحب أرمينية إلى المنصور:

إن الجند قد شغبوا عليه، وكسروا أقفال بيت المال، وأخذوا ما فيه، فوقع في كتابه: اعتزل عملنا مذموما، فلو عقلت لم يشغبوا، ولو قويت لم ينتهبوا.

وقال إسحاق الموصلي، عن أبيه: خرج بعض أهل العبث على أبي جعفر بفلسطين، فكتب الى العامل هناك: دمه في دمك إلا توجهه إلي، فجد في طلبه، فظفر به فأشخص، فأمر بإدخاله عليه، فلما مثل بين يديه، قَالَ له أبو جعفر: أنت المتوثب على عمالي! لأنثرن من لحمك أكثر مما يبقى منه على عظمك، فقال له- وقد كان شيخا كبير السن- بصوت ضعيف ضئيل غير مستعل:

أتروض عرسك بعد ما هرمت ... ومن العناء رياضه الهرم

قال: فلم تتبين للمنصور مقالته، فقال: يا ربيع، ما يقول؟ فقال:

يقول:

العبد عبدكم والمال مالكم ... فهل عذابك عني اليوم منصرف!

قَالَ: يا ربيع، قد عفوت عنه، فخل سبيله، واحتفظ به، وأحسن ولايته.

قَالَ: ورفع رجل إلى المنصور يشكو عامله أنه أخذ حدا من ضيعته، فأضافه إلى ماله، فوقع إلى عامله في رقعة المتظلم: إن آثرت العدل صحبتك السلامة، فانصف هذا المتظلم من هذه الظلامة.

قَالَ: ورفع رجل من العامة إليه رقعة في بناء مسجد في محلته، فوقع في رقعته: من أشراط الساعة كثرة المساجد، فزد في خطاك تزدد من الثواب.

قَالَ: وتظلم رجل من أهل السواد من بعض العمال، في رقعة رفعها إلى المنصور، فوقع فيها: إن كنت صادقا فجيء به ملببا فقد أذنا لك في ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>