للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: إنك قد علمت ما ركبك به أبو عبيد الله، وقد بلغ مني كل غاية من المكروه، وقد أرغت أمره بجهدي، فما وجدت عليه طريقا، فعندك حيلة في أمره؟ فقال: إنما يؤتى أبو عبيد الله من أحد وجوه أذكرها لك.

يقال: هو رجل جاهل بصناعته وأبو عبيد الله أحذق الناس، أو يقال: هو ظنين في الدين بتقليده، وأبو عبيد الله أعف الناس، لو كان بنات المهدي في حجره لكان لهن موضع، أو يقال: هو يميل إلى أن يخالف السلطان فليس يؤتى أبو عبيد الله من ذلك، إلا أنه يميل إلى القدر بعض الميل، وليس يتسلق عليه بذاك أن يقال: هو متهم، ولكن هذا كله مجتمع لك في ابنه، قَالَ: فتناوله الربيع، فقبل بين عينيه، ثم دب لابن ابى عبيد الله، فو الله ما زال يحتال ويدس إلى المهدي ويتهمه ببعض حرم المهدي، حتى استحكم عند المهدي الظنة بمحمد بْن أبي عبيد الله، فأمر فأحضر، وأخرج أبو عبيد الله.

فقال: يا محمد اقرأ، فذهب ليقرأ، فاستعجم عليه القرآن، فقال: يا معاوية ألم تعلمني أن ابنك جامع للقرآن؟ قَالَ: أخبرتك يا أمير المؤمنين، ولكن فارقني منذ سنين، وفي هذه المدة التي نأى فيها عني نسي القرآن، قَالَ: قم فتقرب إلى الله في دمه، فذهب ليقوم فوقع، فقال العباس بْن محمد: إن رأيت يا أمير المؤمنين أن تعفي الشيخ! قَالَ: ففعل، وأمر به فأخرج، فضربت عنقه.

قَالَ: فاتهمه المهدي في نفسه، فقال له الربيع: قتلت ابنه، وليس ينبغي أن يكون معك، ولا أن تثق به فأوحش المهدي، وكان الذي كان من أمره وبلغ الربيع ما أراد، واشتفى وزاد.

وذكر محمد بْن عبد الله يعقوب بْن داود، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ:

ضرب المهدي رجلا من الأشعريين، فاوجعه، فتعصب ابو عبيد الله- وكان مولى لهم، فقال: القتل أحسن من هذا يا أمير المؤمنين، فقال له المهدي:

يا يهودي، اخرج من عسكري لعنك الله قَالَ: ما أدري إلى أين أخرج

<<  <  ج: ص:  >  >>