يعرض له في نفسه، وأخذ أمواله التي استفاد أيام نصر، وترك منازله وضيعه التي كانت له ميراثا بمرو، فلما مات داود خرج ولده أهل أدب وعلم بأيام الناس وسيرهم وأشعارهم، ونظروا فإذا ليست لهم عند بني العباس منزلة، فلم يطمعوا في خدمتهم لحال أبيهم من كتابة نصر، فلما رأوا ذلك أظهروا مقالة الزيدية، ودنوا من آل الحسين، وطمعوا أن يكون لهم دولة فيعيشوا فيها.
فكان يعقوب يجول البلاد منفردا بنفسه، ومع إبراهيم بْن عبد الله أحيانا، في طلب البيعة لمحمد بْن عبد الله، فلما ظهر محمد وإبراهيم بْن عبد الله كتب على ابن داود- وكان أسن من يعقوب- لإبراهيم بْن عبد الله، وخرج يعقوب مع عدة من إخوته مع إبراهيم، فلما قتل محمد وإبراهيم تواروا من المنصور، فطلبهم، فأخذ يعقوب وعليا فحبسهما في المطبق أيام حياته، فلما توفي المنصور من عليهما المهدي فيمن من عليه بتخلية سبيله، وأطلقهما وكان معهما في المطبق إسحاق بْن الفضل بْن عبد الرحمن- وكانا لا يفارقانه- وإخوته الذين كانوا محتبسين معه، فجرت بينهم بذلك الصداقة وكان إسحاق بْن الفضل بْن عبد الرحمن يرى أن الخلافة قد تجوز في صالحي بني هاشم جميعا، فكان يقول: كانت الإمامة بعد رسول الله ص لا تصلح إلا في بني هاشم، وهي في هذا الدهر لا تصلح إلا فيهم، وكان يكثر في قوله للأكبر من بني عبد المطلب، وكان هو ويعقوب بْن داود يتجاريان ذلك، فلما خلى المهدي سبيل يعقوب مكث المهدي برهة من دهره يطلب عيسى بن زيد والحسن ابن إبراهيم بْن عبد الله بعد هرب الحسن من حبسه، فقال المهدي يوما:
لو وجدت رجلا من الزيدية له معرفة بآل حسن وبعيسى بْن زيد، وله فقه فاجتلبه إلي على طريق الفقه، فيدخل بيني وبين آل حسن وعيسى بْن زيد! فدل على يعقوب بْن داود، فأتي به فأدخل عليه، وعليه يومئذ فرو وخفا كبل وعمامة كرابيس وكساء أبيض غليظ فكلمه وفاتحه، فوجده رجلا كاملا، فسأله عن عيسى بْن زيد، فزعم الناس أنه وعده الدخول بينه وبينه، وكان يعقوب ينتفي من ذلك، إلا أن الناس قد رموه بأن منزلته عند المهدي إنما