للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال موسى بْن إبراهيم المسعودي: قَالَ المهدي: وصف لي يعقوب بْن داود في منامي، فقيل لي أن اتخذه وزيرا فلما رآه، قَالَ: هذه والله الخلقة التي رأيتها في منامي، فاتخذه وزيرا، وحظي عنده غاية الحظوة، فمكث حينا حتى بنى عيساباذ، فأتاه خادم من خدمه- وكان حظيا عنده- فقال له: إن أحمد بْن إسماعيل بْن علي، قَالَ لي: قد بنى متنزها أنفق عليه خمسين ألف ألف من بيت مال المسلمين، فحفظها عن الخادم، ونسى احمد ابن إسماعيل، وتوهمها على يعقوب بْن داود، فبينا يعقوب بين يديه إذ لببه، فضرب به الأرض، فقال: ما لي ولك يا أمير المؤمنين! قَالَ: ألست القائل:

إني أنفقت على متنزه لي خمسين ألف ألف! فقال يعقوب: والله ما سمعته أذناي، ولا كتبه الكرام الكاتبون، فكان هذا أول سبب أمره.

قَالَ: وحدثني أبي، قَالَ: كان يعقوب بْن داود قد عرف عن المهدي خلعا واستهتارا بذكر النساء والجماع، وكان يعقوب بْن داود يصف من نفسه في ذلك شيئا كثيرا، وكذلك كان المهدي، فكانوا يخلون بالمهدي ليلا فيقولون:

هو على أن يصبح فيثور بيعقوب، فإذا أصبح غدا عليه يعقوب وقد بلغه الخبر، فإذا نظر إليه تبسم، فيقول: إن عندك لخيرا! فيقول: نعم، فيقول: اقعد بحياتي فحدثني، فيقول: خلوت بجاريتي البارحة، فقالت وقلت، فيصنع لذلك حديثا، فيحدث المهدي بمثل ذلك، ويفترقان على الرضا، فيبلغ ذلك من يسعى على يعقوب، فيتعجب منه.

قَالَ: وقال لي الموصلي: قَالَ يعقوب بْن داود للمهدي في أمر أراده: هذا والله السرف، فقال: ويلك! وهل يحسن السرف إلا بأهل الشرف! ويلك يا يعقوب، لولا السرف لم يعرف المكثرون من المقترين! وقال علي بْن يعقوب بْن داود عن أبيه، قَالَ: بعث إلي المهدي يوما، فدخلت عليه، فإذا هو في مجلس مفروش بفرش مورد متناه في السرور على بستان فيه شجر، ورءوس الشجر مع صحن المجلس، وقد اكتسى

<<  <  ج: ص:  >  >>