فساعة دخل، ذكر وصية المهدي، فأرسل إلى يعقوب من ألقى عليه فراشا، وأقعدت الرجال عليه حتى مات ثم لها عنه ببيعته وتشديد خلافته، وكان ذلك في يوم شديد الحر، فبقي يعقوب حتى مضى من الليل هدء، فقيل لموسى:
يا أمير المؤمنين، إن يعقوب قد انتفخ وأروح قَالَ: ابعثوا به الى أخيه إسحاق ابن الفضل، فخبروه أنه مات في السجن فجعل في زورق وأتي به إسحاق، فنظر فإذا ليس فيه موضع للغسل، فدفنه في بستان له من ساعته، وأصبح فأرسل إلى الهاشميين يخبرهم بموت يعقوب ويدعوهم إلى الجنازة، وأمر بخشبة فعملت في قد الإنسان فغشيت قطنا، وألبسها أكفانا، ثم حملها على السرير، فلم يشك من حضرها أنه شيء مصنوع.
وكان ليعقوب ولد من صلبه: عبد الرحمن والفضل وأروى وفاطمة، فأما فاطمة فوجدت حبلى منه، وأقرت بذلك قَالَ علي بْن محمد: قَالَ أبي: فأدخلت فاطمة وامرأة يعقوب بْن الفضل- وليست بهاشمية، يقال لها خديجة- على الهادي- أو على المهدي من قبل- فأقرتا بالزندقة، وأقرت فاطمة أنها حامل من أبيها، فأرسل بهما إلى ريطة بنت أبي العباس، فرأتهما مكتحلتين مختضبتين، فعذلتهما، وأكثرت على الابنة خاصة، فقالت: أكرهني، قالت: فما بال الخضاب والكحل والسرور، ان كنت مكرهة! ولعنتهما قَالَ: فخبرت أنهما فزعتا فماتتا فزعا، ضرب على راسيهما بشيء يقال له الرعبوب ففزعتا منه، فماتتا وأما أروى فبقيت فتزوجها ابن عمها الفضل بْن إسماعيل بْن الفضل، وكان رجلا لا باس به في دينه.
وفيها قدم وندا هرمز صاحب طبرستان إلى موسى بأمان، فأحسن صلته، ورده إلى طبرستان.