للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأتوا المفضل مولى المهدي، فأرادوا أن يصيروه عليهم، فأبى وقال: لا، ولكن صيروا عليهم غيري وأكون أنا معهم، فصيروا عليهم عبد الله بْن حميد بْن رزين السمرقندي- وهو يومئذ شاب ابن ثلاثين سنة- فذهبوا وهم خمسون فارسا، وذلك ليلة السبت فدنا القوم، وزحفت الخيل، وتعبأ الناس، فكان العباس بْن محمد وموسى بْن عيسى في الميسرة، ومحمد بْن سليمان في الميمنة، وكان معاذ بْن مسلم فيما بين محمد بْن سليمان والعباس بْن محمد، فلما كان قبل طلوع الفجر جاء حسين وأصحابه فشد ثلاثة من موالي سليمان بْن علي- أحدهم زنجويه غلام حسان- فجاءوا برأس فطرحوه قدام محمد بْن سليمان- وقد كانوا قالوا: من جاء برأس فله خمسمائة درهم- وجاء أصحاب محمد فعرقبوا الإبل، فسقطت محاملها فقتلوهم وهزموهم، وكانوا خرجوا من تلك الثنايا، فكان الذين خرجوا مما يلي محمد بْن سليمان أقلهم، وكان جلهم خرجوا مما يلي موسى بْن عيسى وأصحابه، فكانت الصدمة بهم، فلما فرغ محمد بْن سليمان ممن يليه واسفروا، نظروا إلى الذين يلون موسى بْن عيسى، فإذا هم مجتمعون كأنهم كبه غزل، والتفت الميمنه والقلب عليهم، وانصرفوا نحو مكة لا يدرون ما حال الحسين، فما شعروا وهم بذي طوى أو قريبا منها إلا برجل من أهل خراسان، يقول: البشرى البشرى! هذا رأس حسين، فأخرجه وبجبهته ضربة طولا، وعلى قفاه ضربة أخرى، وكان الناس نادوا بالأمان حين فرغوا، فجاء الحسن بْن محمد أبو الزفت مغمضا إحدى عينيه، قد أصابها شيء في الحرب، فوقف خلف محمد والعباس، واستدار به موسى بن عيسى وعبد الله ابن العباس فأمر به فقتل، فغضب محمد بْن سليمان من ذلك غضبا شديدا.

ودخل محمد بْن سليمان مكة من طريق والعباس بْن محمد من طريق، واحتزت الرءوس، فكانت مائة رأس ونيفا، فيها رأس سليمان بْن عبد الله بْن حسن وذلك يوم التروية، وأخذت أخت الحسين، وكانت معه فصيرت عند زينب بنت سليمان، واختلطت المنهزمة بالحجاج، فذهبوا، وكان سليمان بْن أبي جعفر شاكيا فلم يحضر القتال، ووافى عيسى بْن جعفر الحج تلك السنة، وكان مع أصحاب حسين رجل أعمى يقص عليهم فقتل، ولم يقتل أحد منهم صبرا

<<  <  ج: ص:  >  >>