خرج حتى وصل إلى وليلة وذكر أنه متطبب، وأنه من أوليائهم، ودخل على إدريس فأنس به واطمأن إليه، وأقبل الشماخ يريه الإعظام له والميل إليه والإيثار له فنزل عنده بكل منزلة ثم أنه شكا إليه علة في أسنانه، فأعطاه سنونا مسموما قاتلا، وأمره أن يستن به عند طلوع الفجر لليلته، فلما طلع الفجر استن إدريس بالسنون، وجعل يرده في فيه، ويكثر منه، فقتله وطلب الشماخ فلم يظفر به، وقدم على إبراهيم بْن الأغلب فأخبره بما كان منه، وجاءته بعد مقدمه الأخبار بموت إدريس، فكتب ابن الأغلب إلى الرشيد بذلك، فولى الشماخ بريد مصر واجاره، فقال في ذلك بعض الشعراء- أظنه الهنازي:
أتظن يا إدريس أنك مفلت ... كيد الخليفة أو يفيد فرار
فليدركنك أو تحل ببلدة ... لا يهتدي فيها إليك نهار
إن السيوف إذا انتضاها سخطه ... طالت وقصر دونها الأعمار
ملك كأن الموت يتبع أمره ... حتى يقال: تطيعه الأقدار
وذكر الفضل بْن إسحاق الهاشمي أن الحسين بْن علي لما خرج بالمدينة وعليها العمرى لم يزل العمرى متخفيا مقام الحسين بالمدينة، حتى خرج إلى مكة وكان الهادي وجه سليمان بْن أبي جعفر لولاية الموسم، وشخص معه من أهل بيته ممن أراد الحج العباس بْن محمد وموسى بن عيسى واسماعيل بن عيسى ابن موسى في طريق الكوفة، ومحمد بْن سليمان وعدة من ولد جعفر بْن سليمان على طريق البصرة، ومن الموالي مبارك التركي والمفضل الوصيف وصاعد مولى الهادي- وكان صاحب الأمر سليمان- ومن الوجوه المعروفين يقطين بْن موسى وعبيد ابن يقطين وابو الوزير عمر بْن مطرف، فاجتمعوا عند الذي بلغهم من توجه الحسين ومن معه إلى مكة، ورأسوا عليهم سليمان بْن أبي جعفر لولايته، وكان قد جعل أبو كامل مولى إسماعيل على الطلائع، فلقوه بفخ، وخلفوا عبيد الله بْن قثم بمكة للقيام بأمرها وأمر أهلها، وقد كان العباس بْن محمد أعطاهم الأمان على ما أحدثوا، وضمن لهم الإحسان إليهم والصلة لارحامهم،