الهادي إبراهيم الحراني: من كاتبك؟ قَالَ: فلان كاتب، وسماه، فقال:
أليس بلغني أن إسماعيل بْن صبيح كاتبك؟ قَالَ: باطل يا أمير المؤمنين، إسماعيل بحران.
قَالَ: وسعي إلى الهادي بيحيى بْن خالد، وقيل له: إنه ليس عليك من هارون خلاف، وإنما يفسده يحيى بْن خالد، فابعث إلى يحيى، وتهدده بالقتل، وارمه بالكفر، فأغضب ذلك موسى الهادي على يحيى بْن خالد.
وذكر أبو حفص الكرماني أن محمد بْن يحيى بْن خالد حدثه، قَالَ:
بعث الهادي إلى يحيى ليلا، فأيس من نفسه، وودع أهله، وتحنط وجدد ثيابه، ولم يشك أنه يقتله، فلما أدخل عليه، قَالَ: يا يحيى، ما لي ولك! قَالَ: أنا عبدك يا أمير المؤمنين، فما يكون من العبد إلى مولاه إلا طاعته.
قَالَ: فلم تدخل بيني وبين أخي وتفسده علي! قَالَ: يا أمير المؤمنين، من أنا حتى أدخل بينكما! إنما صيرني المهدي معه، وأمرني بالقيام بأمره، فقمت بما أمرني به، ثم أمرتني بذلك فانتهيت إلى أمرك قَالَ: فما الذي صنع هارون؟
قَالَ: ما صنع شيئا، ولا ذلك فيه ولا عنده قَالَ: فسكن غضبه وقد كان هارون طاب نفسا بالخلع، فقال له يحيى: لا تفعل، فقال: أليس يترك لي الهنيء والمريء، فهما يسعانني وأعيش مع ابنة عمي! وكان هارون يجد بأم جعفر وجدا شديدا، فقال له يحيى: وأين هذا من الخلافة! ولعلك ألا يترك هذا في يدك حتى يخرج أجمع، ومنعه من الإجابة.
قَالَ الكرماني: فحدثني صالح بْن سليمان، قَالَ: بعث الهادي إلى يحيى بْن خالد وهو بعيساباذ ليلا، فراعه ذلك، فدخل عليه وهو في خلوة، فأمر بطلب رجل كان أخافه، فتغيب عنه، وكان الهادي يريد أن ينادمه ويمنعه مكانه من هارون، فنادمه وكلمه يحيى فيه، فآمنه وأعطاه خاتم ياقوت أحمر في يده، وقال: هذا امانه، وخرج يحيى فطلب الرجل، وأتى الهادي به فسر بذلك