فقتلتهما، ثم قَالَ: يا غلام، ارفع الرأسين قَالَ: ثم رجع في حديثه كأن لم يصنع شيئا.
وذكر أبو العباس بْن أبي مالك اليمامي أن عبد الله بْن محمد البواب، قال:
كنت احجب الهادي خليفه للفضل بْن الربيع، قَالَ: فإنه ذات يوم جالس وأنا في داره، وقد تغدى ودعا بالنبيذ، وقد كان قبل ذلك دخل على أمه الخيزران، فسألته أن يولي خاله الغطريف اليمن، فقال: اذكريني به قبل أن أشرب، قَالَ: فلما عزم على الشرب وجهت إليه منيرة- أو زهرة- تذكره، فقال: ارجعي فقولي: اختاري له طلاق ابنته عبيدة أو ولاية اليمن، فلم تفهم إلا قوله: اختاري له فمرت، فقالت: قد اخترت له ولاية اليمن، فطلق ابنته عبيدة، فسمع الصياح، فقال: ما لكم؟ فاعلمته الخبر، فقال:
أنت اخترت له، فقالت: ما هكذا أديت إلي الرسالة عنك قَالَ: فأمر صالحا صاحب المصلى أن يقف بالسيف على رءوس الندماء ليطلقوا نساءهم، فخرج إلي بذلك الخدم ليعلموني ألا آذن لأحد قَالَ: وعلى الباب رجل واقف متلفع بطيلسانه، يراوح بين قدميه، فعن لي بيتان، فأنشدتهما وهما:
خليلي من سعد ألما فسلما ... على مريم، لا يبعد الله مريما
وقولا لها: هذا الفراق عزمته ... فهل من نوال بعد ذاك فيعلما!
قَالَ: فقال لي الرجل المتلفع بطيلسانه: فنعلما، فقلت: ما الفرق بين يعلما ونعلما؟ فقال: إن الشعر يصلحه معناه ويفسده معناه، ما حاجتنا إلى أن يعلم الناس أسرارنا! فقلت له: أنا أعلم بالشعر منك، قَالَ:
فلمن الشعر؟ قلت: للأسود بْن عمارة النوفلي، فقال لي: فأنا هو، فدنوت منه فأخبرته خبر موسى، واعتذرت إليه من مراجعتي إياه قَالَ: فصرف دابته، وقال: هذا أحق منزل بأن يترك