للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجيعه، ولا يبلغ أن يستخف به جدا قَالَ: فبينا نحن ليلة عنده، وعنده ابن جامع والموصلي والزبير بْن دحمان والغنوي إذ دعا بثلاث بدور وأمر بهن فوضعن في وسط المجلس، ثم ضم بعضهن إلى بعض، وقال: من غناني صوتا في طريقي الذي أشتهيه، فهن له كلهن قَالَ: وكان فيه خلق حسن، كان إذا كره شيئا لم يوقف عليه، وأعرض عنه فغناه ابن جامع، فأعرض عنه، وغنى القوم كلهم، فأقبل يعرض حتى تغنيت، فوافقت ما يشتهي، فصاح: أحسنت أحسنت! اسقوني، فشرب وطرب، فقمت فجلست على البدور، وعلمت أني قد حويتها، فحضر ابن جامع، فأحسن المحضر، وقال: يا أمير المؤمنين، هو والله كما قلت، وما منا أحد إلا وقد ذهب عن طريقك غيره، قال: هي لك، وشرب حتى بلغ حاجته على الصوت، ونهض، فقال: مروا ثلاثة من الفراشين يحملونها معه، فدخل وخرجنا نمشي في الصحن منصرفين، فلحقني ابن جامع، فقلت: جعلت فداك يا أبا القاسم! فعلت ما يفعل مثلك في نسبك، فانظر فيها بما شئت فقال: هنأك الله، وددنا أنا زدناك ولحقنا الموصلي، فقال: أجزنا، فقلت: ولم لم تحسن محضرك! لا والله ولا درهما واحدا.

وذكر محمد بْن عبد الله، قَالَ: قَالَ لي سعيد القارئ العلاف- وكان صاحب أبان القارئ: أنه كان عند موسى جلساؤه، فيهم الحراني وسعيد ابن سلم وغيرهما، وكانت جارية لموسى تسقيهم، وكانت ماجنة، فكانت تقول لهذا: يا جلفي، وتعبث بهذا وهذا، ودخل يزيد بْن مزيد فسمع ما تقول لهم، فقال لها: والله الكبير، لئن قلت لي مثل ما تقولين لهم لأضربنك ضربة بالسيف، فقال لها موسى: ويلك! إنه والله يفعل ما يقول، فإياك قَالَ:

فأمسكت عنه ولم تعابثه قط قَالَ: وكان سعيد العلاف وأبان القارئ إباضيين

<<  <  ج: ص:  >  >>