للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على باب الدار في العلو، والأبواب مغلقة، فأقبل جعفر ينادي: يا معشر المسلمين، من كانت لي في عنقه بيعة فقد أحللته منها، والخلافة لعمي هارون، ولا حق لي فيها.

وكان سبب مشي عبد الله بْن مالك الخزاعي إلى مكة على اللبود، لأنه كان شاور الفقهاء في أيمانه التي حلف بها لبيعة جعفر، فقالوا له: كل يمين لك تخرج منها إلا المشي إلى بيت الله، ليس فيه حيلة فحج ماشيا وحظي خزيمة بذلك عند الرشيد وذكر أن الرشيد كان ساخطا على إبراهيم الحراني وسلام الأبرش يوم مات موسى، فأمر بحبسهما وقبض أموالهما، فحبس إبراهيم عند يحيى بْن خالد في داره، فكلم فيه محمد بْن سليمان هارون، وسأله الرضا عنه وتخلية سبيله، والإذن له في الانحدار معه إلى البصرة، فأجابه إلى ذلك.

وفي هذه السنة عزل الرشيد عمر بْن عبد العزيز العمري عن مدينة الرسول ص، وما كان إليه من عملها، وولى ذلك إسحاق بن سليمان ابن علي.

وفيها ولد محمد بْن هارون الرشيد، وكان مولده- فيما ذكر أبو حفص الكرماني عن محمد بْن يحيى بْن خالد- يوم الجمعة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال من هذه السنة، وكان مولد المأمون قبله في ليله الجمعه النصف من شهر ربيع الأول.

وفيها قلد الرشيد يحيى بْن خالد الوزارة، وقال له: قد قلدتك أمر الرعية، وأخرجته من عنقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، واعزل من رأيت، وأمض الأمور على ما ترى ودفع إليه خاتمه، ففي ذلك يقول إبراهيم الموصلي:

ألم تر أن الشمس كانت سقيمة ... فلما ولي هارون أشرق نورها

بيمن أمين الله هارون ذي الندى ... فهارون واليها ويحيى وزيرها

<<  <  ج: ص:  >  >>