مثل السلق- قَالَ: فتربد هارون! واشتد غضبه، فقال يحيى: يا أمير المؤمنين، إن لنا قرابة ورحما، ولسنا بترك ولا ديلم، يا أمير المؤمنين، أنا وأنتم أهل بيت واحد، فاذكرك الله وقرابتنا من رسول الله ص! علام تحبسني وتعذبني؟ قَالَ: فرق له هارون، وأقبل الزبيري على الرشيد، فقال: يا أمير المؤمنين، لا يغرك كلام هذا، فإنه شاق عاص، وإنما هذا منه مكر وخبث، إن هذا أفسد علينا مدينتنا، وأظهر فيها العصيان.
قال: فاقبل يحيى عليه، فو الله ما أستأذن أمير المؤمنين في الكلام حتى قَالَ: أفسد عليكم مدينتكم! ومن أنتم عافاكم الله! قال الزبيري: هذا كلامه قدامك، فكيف إذا غاب عنك! يقول: ومن أنتم! استخفافا بنا قَالَ: فأقبل عليه يحيى، فقال: نعم، ومن أنتم عافاكم الله! المدينة كانت مهاجر عبد الله ابن الزبير أم مهاجر رسول الله ص؟ ومن أنت حتى تقول:
أفسد علينا مدينتنا! وإنما بآبائي وآباء هذا هاجر أبوك إلى المدينة ثم قَالَ:
يا أمير المؤمنين، إنما الناس نحن وأنتم، فإن خرجنا عليكم قلنا: أكلتم وأجعتمونا ولبستم وأعريتمونا، وركبتم وأرجلتمونا، فوجدنا بذلك مقالا فيكم، ووجدتم بخروجنا عليكم مقالا فينا، فتكافأ فيه القول، ويعود أمير المؤمنين على أهله بالفضل يا أمير المؤمنين، فلم يجترئ هذا وضرباؤه على أهل بيتك، يسعى بهم عندك! إنه والله ما يسعى بنا إليك نصيحة منه لك، وإنه يأتينا فيسعى بك عندنا عن غير نصيحة منه لنا، إنما يريد أن يباعد بيننا، ويشتفي من بعض ببعض والله يا أمير المؤمنين، لقد جاء إلي هذا حيث قتل أخي محمد بْن عبد الله، فقال: لعن الله قاتله! وأنشدني فيه مرثية قالها نحوا من عشرين بيتا، وقال: إن تحركت في هذا الأمر فأنا أول من يبايعك، وما يمنعك أن تلحق بالبصرة، فأيدينا مع يدك! قَالَ: فتغير وجه الزبيري واسود، فأقبل عليه هارون، فقال: أي شيء يقول هذا؟ قَالَ: كاذب يا أمير المؤمنين، ما كان مما قَالَ حرف قَالَ:
فأقبل على يحيى بْن عبد الله، فقال: تروي القصيدة التي رثاه بها؟ قَالَ: