يبق منهم أحد، إذا أنا بجعفر قد طلع، فلما جاوز الشجر قَالَ: اخرج يا حبيبي، قَالَ: فخرجت، فقال: ما عندك؟ فقلت: حتى تعلمني كيف علمت أني هاهنا، قَالَ: عرفت عنايتك بما أعني به، وأنك لم تكن لتنصرف أو تعلمني ما رأيت منه، وعلمت أنك تكره أن ترى واقفا في مثل هذا الوقت، وليس في طريقك موضع أستر من هذا الموضع، فقضيت بأنك فيه، قلت: نعم، قَالَ: فهات ما عندك، قلت: رأيت الرجل يهزل إذا جددت، ويجد إذا هزلت قَالَ: كذا هو عندي، فانصرف يا حبيبي.
قَالَ: فانصرفت.
قَالَ: وحدثني علي بْن سليمان أنه سمع جعفر بْن يحيى يوما يقول: ليس لدارنا هذه عيب، إلا أن صاحبها فيها قليل البقاء- يعني نفسه.
وذكر عن موسى بْن يحيى، قَالَ: خرج أبي إلى الطواف في السنة التي أصيب فيها، وأنا معه من بين ولده، فجعل يتعلق بأستار الكعبة، ويردد الدعاء، ويقول: اللهم ذنوبي جمة عظيمة لا يحصيها غيرك، ولا يعرفها سواك اللهم إن كنت تعاقبني فاجعل عقوبتي في الدنيا، وإن أحاط ذلك بسمعي وبصري، ومالي وولدي، حتى تبلغ رضاك، ولا تجعل عقوبتي في الآخرة.
قَالَ: وحدثني أحمد بْن الحسن بْن حرب، قَالَ: رأيت يحيى وقد قابل البيت، وتعلق بأستار الكعبة، وهو يقول: اللهم إن كان رضاك في أن تسلبني نعمتك عندي فاسلبني، اللهم إن كان رضاك في أن تسلبني أهلي وولدي فاسلبني، اللهم إلا الفضل قَالَ: ثم ولى ليمضي، فلما قرب من باب المسجد كر مسرعا، ففعل مثل ذلك، وجعل يقول: اللهم إنه سمج بمثلي أن يرغب إليك ثم يستثنى عليك اللهم والفضل قَالَ: فلما انصرفوا من الحج نزلوا الأنبار، ونزل الرشيد بالعمر ومعه وليا العهد، الأمين والمأمون، ونزل الفضل مع الأمين، وجعفر مع المأمون، ويحيى في منزل خالد بْن عيسى كاتبه، ومحمد بْن