للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونك، لأن ملكك كان ملكي، وسلطانك كان سلطاني، والخير والشر كان فيه علي ولي، فكيف يجوز لعبد الملك أن يطمع في ذلك مني! وهل كنت إذا فعلت ذلك به يفعل بي أكثر من فعلك! أعيذك بالله أن تظن بي هذا الظن، ولكنه كان رجلا محتملا، يسرني أن يكون في أهلك مثله، فوليته، لما أحمدت من مذهبه، وملت إليه لأدبه واحتماله قَالَ: فلما أتاه الرسول بهذا أعاد إليه، فقال: إن أنت لم تقر عليه قتلت الفضل ابنك، فقال له:

أنت مسلط علينا فافعل ما أردت، على أنه إن كان من هذا الأمر شيء فالذنب فيه لي، فبم يدخل الفضل في ذلك! فقال الرسول للفضل:

قم، فإنه لا بد لي من إنفاذ أمر أمير المؤمنين فيك، فلم يشك أنه قاتله، فودع أباه، وقال له: ألست راضيا عني؟ قَالَ: بلى، فرضي الله عنك ففرق بينهما ثلاثة أيام، فلما لم يجد عنده من ذلك شيئا جمعهما كما كانا.

وكان يأتيهم منه أغلظ رسائل، لما كان اعداؤهم يقرفونهم به عنده، فلما أخذ مسرور بيد الفضل كما اعلمه، بلغ من يحيى، فأخرج ما في نفسه، فقال له: قل له: يقتل ابنك مثله قَالَ مسرور: فلما سكن عن الرشيد الغضب، قَالَ: كيف قَالَ؟ فأعدت عليه القول، قَالَ: قد خفت والله قوله، لأنه قلما قَالَ لي شيئا إلا رأيت تأويله.

وقيل: بينما الرشيد يسير وفي موكبه عبد الملك بْن صالح، إذ هتف به هاتف وهو يساير عبد الملك، فقال: يا أمير المؤمنين، طأطئ من أشرافه وقصر من عنانه، واشدد من شكائمه، وإلا أفسد عليك ناحيته فالتفت إلى عبد الملك، فقال: ما يقول هذا يا عبد الملك؟ فقَالَ عبد الملك: مقال باغ ودسيس حاسد، فقال له هارون: صدقت، نقص القوم ففضلتهم، وتخلفوا وتقدمتهم، حتى برز شأوك، فقصر عنه غيرك، ففي صدورهم جمرات التخلف، وحزازات النقص فقال عبد الملك: لا أطفأها الله وأضرمها عليهم حتى تورثهم كمدا دائما ابدا

<<  <  ج: ص:  >  >>