علي فلا تظهرنه عليه، ولا تعلمنه ما عزمت عليه، وتأهب للمسير، وأظهر لخاصتك وعامتك أني أوجهك مددا لعلي بْن عيسى وعونا له قَالَ: ثم كتب إلي علي بْن عيسى بْن ماهان كتابا بخطه نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم يا بن الزانية، رفعت من قدرك، ونوهت باسمك، وأوطأت سادة العرب عقبك، وجعلت أبناء ملوك العجم خولك وأتباعك، فكان جزائي أن خالفت عهدي، ونبذت وراء ظهرك أمري، حتى عثت في الأرض، وظلمت الرعية، وأسخطت الله وخليفته، بسوء سيرتك، ورداءة طعمتك، وظاهر خيانتك، وقد وليت هرثمة بْن أعين مولاي ثغر خراسان، وأمرته أن يشد وطأته عليك وعلى ولدك وكتابك وعمالك، ولا يترك وراء ظهوركم درهما، ولا حقا لمسلم ولا معاهد إلا أخذكم به، حتى ترده إلى أهله، فإن أبيت ذلك وأباه ولدك وعمالك فله أن يبسط عليكم العذاب، ويصب عليكم السياط، ويحل بكم ما يحل بمن نكث وغير، وبدل وخالف، وظلم وتعدى وغشم انتقاما لله عز وجل بادئا، ولخليفته ثانيا، وللمسلمين والمعاهدين ثالثا، فلا تعرض نفسك للتي لا شوى لها، واخرج مما يلزمك طائعا أو مكرها.
وكتب عهد هرثمة بخطه:
هذا ما عهد هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى هرثمة بْن أعين حين ولاه ثغر خراسان وأعماله وخراجه، أمره بتقوى الله وطاعته ورعاية أمر الله مراقبته، وأن يجعل كتاب الله إماما في جميع ما هو بسبيله، فيحل حلاله ويحرم حرامه، ويقف عند متشابهه، ويسأل عنه أولي الفقه في دين الله وأولي العلم بكتاب الله، أو يرده إلى إمامه ليريه الله عز وجل فيه رأيه، ويعزم له على رشده، وأمره أن يستوثق من الفاسق علي بْن عيسى وولده وعماله وكتابه، وأن يشد عليهم وطأته، ويحل بهم سطوته، ويستخرج منهم كل مال