خز، ورداء يمان، قد شد وسطه ثم ثناه على عاتقه، وعمامة قد عصبها على خديه، وأرخى لها عذبة، فمثل بين يدي أمير المؤمنين، وألقيت الكراسي، فجلس الكسائي والمفضل وابن سلم والفضل بْن الربيع، فقال ابن سلم للأعرابي:
خذ في شرف أمير المؤمنين، فاندفع الأعرابي في شعره، فقال أمير المؤمنين:
أسمعك مستحسنا، وأنكرك متهما عليك، فإن يكن هذا الشعر لك وأنت قلته من نفسك، فقل لنا في هذين بيتين- يعني محمدا والمأمون- وهما حفافاه فقال: يا أمير المؤمنين حملتني على القدر في غير الحذر روعة الخلافة، وبهر البديهة، ونفور القوافي عن الروية، فيمهلني أمير المؤمنين، يتألف إلي نافراتها، ويسكن روعي قَالَ: قد أمهلتك يا أعرابي، وجعلت اعتذارك بدلا من امتحانك، فقال: يا أمير المؤمنين نفست الخناق، وسهلت ميدان النفاق، ثم أنشأ يقول:
هما طنباها بارك الله فيهما ... وأنت أمير المؤمنين عمودها
بنيت بعبد الله بعد محمد ... ذرى قبة الإسلام فاهتز عودها
فقال: وأنت يا أعرابي بارك الله فيك، فسلنا، ولا تكن مسألتك دون إحسانك، قَالَ: الهنيدة يا أمير المؤمنين، قَالَ: فتبسم أمير المؤمنين، وامر له بمائة ألف درهم وسبع خلع.
وذكر أن الرشيد قَالَ لابنه القاسم- وقد دخل عليه قبل أن يبايع له:
أنت للمأمون ببعض لحمك هذا، قال: ببعض حظه.
وقال للقاسم يوما قبل البيعة له: قد أوصيت الأمين والمأمون بك، قَالَ:
أما أنت يا أمير المؤمنين فقد توليت النظر لهما، ووكلت النظر لي إلى غيرك.
وقال مصعب بْن عبد الله الزبيري: قدم الرشيد مدينه الرسول ص ومعه ابناه محمد الأمين وعبد الله المأمون، فأعطى فيها العطايا وقسم