عشية الجمعة لخمس عشرة خلت من جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين ومائة، شخص عشية تلك فيما بين صلاة الجمعة إلى صلاة العصر الى معسكره بنهر بين، فأقام فيه في زهاء أربعين ألفا، وحمل معه قيد فضة ليقيد به المأمون بزعمه، وشخص معه محمد الأمين إلى النهروان يوم الأحد لست بقين من جمادى الأخرة، فعرض بها الذين ضموا إلى علي بْن عيسى، ثم أقام بقية يومه ذلك بالنهروان، ثم انصرف إلى مدينة السلام وأقام علي بْن عيسى بالنهروان ثلاثة أيام، ثم شخص إلى ما وجه له مسرعا حتى نزل همذان، فولى عليها عبد الله بْن حميد بْن قحطبة وقد كان محمد كتب إلى عصمة بْن حماد بالانصراف في خاصة أصحابه وضم بقية العسكر وما فيه من الأموال وغير ذلك إلى علي بْن عيسى، وكتب إلى أبي دلف القاسم بْن عيسى بالانضمام إليه فيمن معه من اصحابه، ووجه معه هلال بْن عبد الله الحضرمي، وأمر له بالفرض، ثم عقد لعبد الرحمن بْن جبله الابناوى على الدينور، وأمره بالسير في بقية أصحابه، ووجه معه الفى الف درهم حملت إليه قبل ذلك، ثم شخص علي بْن عيسى من همذان يريد الري قبل ورود عبد الرحمن عليه، فسار حتى بلغ الري على تعبئة، فلقيه طاهر بْن الحسين وهو في أقل من أربعة آلاف- وقيل كان في ثلاثة آلاف وثمانمائه- وخرج من عسكر طاهر ثلاثة أنفس إلى علي بْن عيسى يتقربون إليه بذلك، فسألهم: من هم؟
ومن أي البلدان هم؟ فأخبره احدهم انه كان من جند عيسى ابيه الذي قتله رافع قَالَ: فأنت من جندي! فأمر به فضرب مائتي سوط، واستخف بالرجلين وانتهى الخبر إلى أصحاب طاهر، فازدادوا جدا في محاربته ونفورا منه.
فذكر أحمد بْن هشام أنه لم يكن ورد عليهم الكتاب من المأمون، بان تسمى بالخلافة، إذ التقيا- وكان أحمد على شرطة طاهر- فقلت لطاهر:
قد ورد علي بْن عيسى فيمن ترى، فإن ظهرنا له، فقال: أنا عامل أمير المؤمنين وأقررنا له بذلك، لم يكن لنا أن نحاربه فقال لي طاهر: لم يجئني في هذا