للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانى أولكم نقض عهده، واظهر التغيير عليه، والإنكار لفعله، فمن كان رأيه رأيي فليعتزل معي.

وقام أسد الحربي، فقال: يا معشر الحربية، هذا يوم له ما بعده، إنكم قد نمتم وطال نومكم، وتأخرتم فقدم عليكم غيركم، وقد ذهب أقوام بذكر خلع محمد وأسره، فاذهبوا بذكر فكه وإطلاقه.

فأقبل شيخ كبير من أبناء الكفاية على فرس، فصاح بالناس:

اسكتوا، فسكتوا، فقال: أيها الناس، هل تعتدون على محمد بقطع منه لأرزاقكم؟ قالوا: لا، قَالَ: فهل قصر بأحد منكم أو من رؤسائكم وكبرائكم؟

قالوا: ما علمنا، قَالَ: فهل عزل أحدا من قوادكم؟ قالوا: معاذ الله أن يكون فعل ذلك! قَالَ: فما بالكم خذلتموه وأعنتم عدوه على اضطهاده وأسره! أما والله ما قتل قوم خليفتهم قط إلا سلط الله عليهم السيف القاتل، والحتف الجارف، انهضوا إلى خليفتكم وادفعوا عنه، وقاتلوا من أراد خلعه والفتك به.

ونهضت الحربية، ونهض معهم عامه اهل الارباض في المشهرات والعدة الحسنة فقاتلوا الحسين بْن علي وأصحابه قتالا شديدا منذ ارتفاع النهار إلى انكسار الشمس، وأكثروا في أصحابه الجراح، وأسر الحسين بْن علي، ودخل أسد الحربي على محمد، فكسر قيوده وأقعده في مجلس الخلافة، فنظر محمد إلى قوم ليس عليهم لباس الحرب والجند، ولا عليهم سلاح، فأمرهم فأخذوا من السلاح الذي في الخزائن حاجتهم ووعدهم ومناهم، وانتهب الغوغاء بذلك السبب سلاحا كثيرا ومتاعا من خز وغير ذلك، وأتى بالحسين بْن على، فلامه محمد على خلافه وقال له: ألم أقدم أباك على الناس، وأوله أعنة الخيل وأملأ يده من الأموال، وأشرف أقداركم في أهل خراسان، وأرفع منازلكم على غيركم من القواد! قَالَ: بلى، قَالَ: فما الذي استحققت به منك أن تخلع طاعتي، وتؤلب الناس علي، وتندبهم إلى قتالي! قَالَ: الثقة بعفو أمير المؤمنين وحسن الظن بصفحه وتفضله قَالَ: فإن أمير المؤمنين قد فعل ذلك بك، وولاك الطلب بثأرك، ومن قتل من أهل بيتك ثم دعا له بخلعة فخلعها

<<  <  ج: ص:  >  >>