محمد بْن سليمان حتى صار إلى قرية شاهي، وعبر الفرات، وأخذ على طريق البرية إلى الأنبار، ورجع محمد بْن حماد إلى بغداد، وقال ابو يعقوب الخريمى في ذلك:
هما عدوا بالنكث كي يصدعا به ... صفا الحق فانفضا بجمع مبدد
وأفلتنا ابن البربري مضمر ... من الخيل يسمو للجياد ويهتدى
وذكر يزيد بن الحارث، ان محمد بْن حماد البربري لما دخل بغداد، وجه محمد المخلوع الفضل بْن موسى بْن عيسى الهاشمي إلى الكوفة، وولاه عليها، وضم إليه أبا السلاسل وإياس الحرابي وجمهورا النجاري، وأمره بسرعة السير، فتوجه الفضل، فلما عبر نهر عيسى عثر به فرسه، فتحول منه إلى غيره وتطير، وقال: اللهم إني أسألك بركة هذا الوجه وبلغ طاهرا الخبر، فوجه محمد بْن العلاء، وكتب إلى الحارث بْن هشام وداود بْن موسى بالطاعة له، فلقي محمد بْن العلاء الفضل بقرية الأعراب، فبعث إليه الفضل: إني سامع مطيع لطاهر، وإنما كان مخرجي بالكيد مني لمحمد، فخل لي الطريق حتى أصير إليه، فقال له محمد: لست أعرف ما تقول ولا أقبله ولا أنكره، فإن أردت الأمير طاهرا فارجع وراءك، فخذ أسهل الطريق وأقصدها، فرجع وقال محمد لأصحابه: كونوا على حذر، فإني لست آمن مكر هذا، فلم يلبث أن كبر وهو يرى أن محمد بْن العلاء قد آمنه، فوجده على عدة وأهبة، واقتتلوا كأشد ما يكون من القتال، وكبا بالفضل فرسه، فقاتل عنه أبو السلاسل حتى ركب، وقال: أذكر هذا الموقف لأمير المؤمنين وحمل اصحاب محمد ابن العلاء على اصحاب الفضل فهزموه، ولم يزالوا يقتلونهم إلى كوثى، وأسر في تلك الوقعة إسماعيل بْن محمد القرشي وجمهور النجارى، وتوجه طاهر إلى المدائن، وفيها جند كثير من خيول محمد، عليهم البرمكي قد تحصن بها، والمدد يأتيه في كل يوم، والصلات والخلع من قبل محمد فلما قرب طاهر من المدائن- وكان منها على رأس فرسخين- نزل فصلى ركعتين، وسبح فأكثر التسبيح، فقال: اللهم إنا نسألك نصرا كنصرك المسلمين يوم المدائن ووجه