للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم ينحز إليه من بني هاشم والقواد والموالي وغلاتهم، حيث كانت من عمله، فذلوا وانكسروا وانقادوا، وذلت الأجناد وتواكلت عن القتال، إلا باعة الطريق والعراة وأهل السجون والأوباش والرعاع والطرارين وأهل السوق وكان حاتم بْن الصقر قد أباحهم النهب، وخرج الهرش والأفارقة، فكان طاهر يقاتلهم لا يفتر عن ذلك ولا يمله، ولا ينى فيه فقال الخريمى يذكر بغداد، ويصف ما كان فيها:

قالوا: ولم يلعب الزمان ببغداد ... وتعثر بها عواثرها

إذ هي مثل العروس باطنها ... مشوق للفتى وظاهرها

جنه خلد ودار مغبطه ... قل من النائبات واترها

درت خلوف الدنيا لساكنها ... وقل معسورها وعاسرها

وانفرجت بالنعيم وانتجعت ... فيها بلذاتها حواضرها

فالقوم منها في روضه انف ... اشرق غب القطار زاهرها

من غره العيش في بلهنية ... لو أن دنيا يدوم عامرها

دار ملوك رست قواعدها ... فيها وقرت بها منابرها

اهل العلا والندى وأندية الفخر ... إذا عددت مفاخرها

أفراخ نعمى في إرث مملكة ... شد عراها لها أكابرها

فلم يزل والزمان ذو غير ... يقدح في ملكها أصاغرها

حتى تساقت كأسا مثملة ... من فتنة لا يقال عاثرها

وافترقت بعد ألفة شيعا ... مقطوعه بينها اواصرها

يا هل رأيت الأملاك ما صنعت ... إذ لم يرعها بالنصح زاجرها

أورد أملاكنا نفوسهم ... هوة غي اعيت مصادرها

<<  <  ج: ص:  >  >>