للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائلي عنهم هم شر من ... أبصرت في الناس ليس غير كذين

شر باق وشر ماض من الناس ... مضى أو رأيت في الثقلين

قَالَ: وبلغ ذلك من فعل طاهر محمدا، فاشتد عليه وغمه واحزنه، فذكر كاتب لكوثر أن محمدا قَالَ- أو قيل على لسانه هذه الأبيات:

منيت بأشجع الثقلين قلبا ... إذا ما طال ليس كما يطول

له مع كل ذي بدن رقيب ... يشاهده ويعلم ما يقول

فليس بمغفل أمرا عنادا ... إذا ما الأمر ضيعه الغفول

وفي هذه السنة ضعف أمر محمد، وأيقن بالهلاك، وهرب عبد الله بْن خازم بْن خزيمة من بغداد إلى المدائن، فذكر عن الحسين بْن الضحاك أن عبد الله بْن خازم بْن خزيمة ظهرت له التهمة من محمد والتحامل عليه من السفلة والغوغاء، فهم على نفسه وماله، فلحق بالمدائن ليلا في السفن بعياله وولده، فأقام بها ولم يحضر شيئا من القتال.

وذكر غيره أن طاهرا كاتبه وحذره قبض ضياعه واستئصاله، فحذره ونجا من تلك الفتنة وسلم، فقال بعض قرائبه في ذلك:

وما جبن ابن خازم من رعاع ... وأوباش الطغام من الأنام

ولكن خاف صولة ضيغمي ... هصور الشد مشهور العرام

فذاع أمره في الناس، ومشى تجار الكرخ بعضهم إلى بعض، فقالوا:

ينبغي لنا أن نكشف أمرنا لطاهر ونظهر له براءتنا من المعونة عليه، فاجتمعوا وكتبوا كتابا أعلموه فيه أنهم أهل السمع والطاعة والحب له، لما يبلغهم من إيثاره طاعة الله والعمل بالحق، والأخذ على يد المريب، وأنهم غير مستحلي النظر إلى الحرب، فضلا عن القتال، وأن الذي يكون حزبه من جانبهم ليس منهم، قد ضاقت بهم طرق المسلمين، حتى ان الرجال الذين بلوا من حربه من جانبهم ليس منهم، ولا لهم بالكرخ دور ولا عقار، وإنما هم

<<  <  ج: ص:  >  >>